الدنيا كلها لو جمعت له بحذافيرها. وهذا كما قال في الحديث الآخر:(وموضع قوس أحدكم أو سوطه في الجنة خير من الدنيا وما فيها)(١). هذا منه -صلى الله عليه وسلم- إنما هو على ما استقر في النفوس من تعظيم ملك الدنيا. وأما على التحقيق فلا تدخل الجنة تحت (أفعل) إلا كما يقال: العسل أحلى من الخل. وقد قيل: إن معنى ذلك- والله أعلم- أن ثواب الغدوة والروحة أفضل من الدنيا وما فيها لو ملكها مالك، فأنفقها في وجوه البر والطاعة غير الجهاد. وهذا أليق، والأول أسبق.
وقوله:(من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولًا، وجبت له الجنَّة)؛ أي: من مات على ذلك فلا بدَّ له من دخول الجنَّة قطعًا، ولو دخل النار في كبائر عليه فمآله إلى الجنة على كل حال.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة)؛ أي: خصلة أخرى. والدرجة: المنزلة الرفيعة، ويراد بها غرف الجنة ومراتبها؛ التي أعلاها الفردوس، كما جاء في الحديث. ولا يظن من هذا: أن درجات الجنة محصورة بهذا العدد،