للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خُضرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالعَرشِ، تَسرَحُ في الجَنَّةِ حَيثُ شَاءَت، ثُمَّ تَأوِي

ــ

وقد حصل من مجموع الكتاب والسنة. أن الأرواح باقية بعد الموت، وأنها متنعمة، أو معذبة إلى يوم القيامة.

وقد اختلف الناس في الأرواح قديمًا وحديثًا ما هي؟ وعلى أي حال هي؟ اختلافًا كثيرًا، واضطربوا فيها اضطرابًا شديدًا؛ الواقف عليه يتحقق أن الكل منهم على غير بصيرة منها؛ وإنما هي أقوال صادرة عن ظنون متقاربة (١)، ولا يشك في أنه مما انفرد الله تعالى بعلم حقيقته. وعلى هذا المعنى حمل أكثر المفسرين قوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِن أَمرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِنَ العِلمِ إِلا قَلِيلا} فليقطع العاقل طمعه من علم حقيقته، ولينظر هل ورد في الأقوال الصادقة ما يدل على شيء من صفته؟ وعند تصفح ذلك، واستقراء ما هنالك يحصل للباحث: أن الروح أمر (٢) ينفخ في الجسد، ويقبض منه، ويتوفى بالنوم والموت، ويؤمن، ويكفر، ويعلم، ويجهل، ويفرح، ويحزن، ويتنعم، ويتألم، ويخرج، ويدخل، والإنسان يجد من ذاته بضرورته قابلًا للعلوم وأضدادها، وللفكر وأضدادها، ولغير ذلك من المعاني، فيحصل من مجموع تلك الأمور على القطع: أن الروح ليس من قبيل الأعراض لاستحالة كل ما ذكر عليها، فيلزم أن يكون الروح من قبيل ما يقوم بنفسه، وأنه قابل للأعراض.

وهل هو متحيز أو ليس بمتحيز؟ ذهبت طوائف من الأوائل، ومن نحا نحوهم من الإسلاميين، إلى أنه قائم بنفسه غير متحيز. وذهب أكثر أهل الإسلام إلى أن ذلك من أوصاف الحق سبحانه وتعالى الخاصة به، وأنه لا تصح مشاركته في ذلك لأدلة تذكر في علم الكلام، وأن الروح قائم بنفسه متحيز، فهو من قبيل الجواهر.

ثم اختلف، هل هو يقبل الانقسام فيكون جسمًا أو لا يقبله فيكون جوهرًا


(١) في الأصول: متقابلة، وما أثبتناه من: إكمال إكمال المعلم للأُبِّي.
(٢) ليست في الأصول، واستدركت من: إكمال إكمال المعلم للأُبِّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>