للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَجَهَّزتَ بِهِ، قَالَ: يَا فُلَانَةُ، أَعطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزتُ بِهِ، وَلَا تَحبِسِي عَنهُ شَيئًا، فَوَاللَّهِ لَا تَحبِسِن مِنهُ شَيئًا فَيُبَارَكَ الله لَكِ فِيهِ.

رواه مسلم (١٨٩٤)، وأبو داود (٢٧٨٠).

[١٣٦٢] وعَن زَيدِ بنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، عَن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: مَن جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَد غَزَا، وَمَن خَلَفَهُ فِي أَهلِهِ بِخَيرٍ فَقَد غَزَا.

ــ

فليس مُقتصرًا على النية فقط، بل هو عامل في الغزو، ولما كان كذلك كان له مثل أجر الغازي كاملًا، وافرًا، مضاعفًا، بحيث إذا أضيف ونسب إلى أجر الغازي كان نصفًا له، وبهذا يجتمعُ معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من خلف غازيًا في أهله بخيرٍ فقد غزا)، وبين معنى قوله في اللفظ الأول: (فله مثل نصف أجره)، والله تعالى أعلم.

وعلى هذا يحمل قوله: (والأجر بينهما) لا أن النائبَ يأخذ نصف أجر الغازي، ويبقى للغازي النصف، فإن الغازيَ لم يطرأ عليه ما يوجبُ تنقيصًا لثوابه، وإنَّما هذا كما قال: (من فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجر الصائم، لا ينقصه من أجره شيء) (١). والله تعالى أعلم.

وعلى هذا فقد صارت كلمةُ (نصف) مقحمةً هنا بين (مثل) و (أجر) وكأنها زيادةٌ مِمَّن تسامَحَ في إيراد اللفظ، بدليل قوله: (والأجر بينهما)، ويشهد له ما ذكرناه، فَليُتنبَّه له، فإنه حَسَن. وأمَّا من تحقق عجزه، وصدقت نيتُه، فلا ينبغي أن يختلف في: أن أجره مضاعف كأجر العامل المباشر؛ لما تقدَّم، ولما خرَّجه النسائيُّ من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من أتى فراشه، وهو ينوي أن يقومَ يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى يصبح؛ كان له ما نوى، وكان نومُه صدقة عليه) (٢).

و(جهاز الغازي): ما يحتاج إليه في غزوه من العدّة والسلاح والنفقة وغير ذلك.


(١) رواه أحمد (٤/ ١١٤ - ١١٥)، والترمذي (٨٠٧)، وابن ماجه (١٧٤٦).
(٢) رواه النسائي (٣/ ٢٥٨)، وابن ماجه (١٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>