للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد تعجلوا ثلثي أجورهم، وما من غازية، أو سرية تخفق، أو تصاب إلا تم أجورهم.

رواه أحمد (٢/ ١٦٩)، ومسلم (١٩٠٦)، وأبو داود (٢٤٩٧)، والنسائي (٦/ ١٧ و ١٨)، وابن ماجه (٢٧٨٥).

ــ

قلتُ: وهذا ليس بشيء، فلا يُلتَفَتُ إليه؛ لأن البخاري قد ذكر حميد بن هانئ هذا فقال: هو مصري، سمع أبا عبد الرحمن الحُبُلِي، وعمرو بن مالك، وسمع منه حيوة بن شُريح، وابن وهب. ومنهم مَن رام الجمع بأن قال: إن الأولَ محمول على مجرد النية والإخلاص في الجهاد، فذلك هو الذي ضمن الله له إمَّا الشهادة، وإمَّا ردَّه إلى أهله مأجورًا غانِمًا. ويحمل الثاني على ما إذا نوى الجهادَ، ولكن مع نية المغنم؛ فلما انقسمت نيته انحط أجرُه عن الأول.

قال القاضي عياض: وأوضحُ من هذا عندي: أن أجرَ الغانم بما فتح الله تعالى عليه (١) من الدنيا وحساب ذلك عليه، وتمتّعه به في الدنيا، وذهاب شظف عيشه في غزوه وبعده؛ إذا قوبل بمن أخفق ولم يصب شيئا، وبقي على شظف عيشه، والصبر على حالته، وجد أجر هذا وافيًا مُوفرًا بخلاف الأول. ومثله قوله في الحديث الآخر: (فمنَّا من مضى لم يأكل من أجره شيئا، ومنا من أينعت له ثمرته، فهو يَهدِبُها) (٢)، ويدل على صحة هذا التأويل قولُه: (إلا تعجَّلوا ثلثي أجرهم).

قلتُ: ويحتملُ أن يقال: إن هذه التي أخفقت إنما يُزَادُ في أجرها لشدَّة ابتلائها، وأسفها على ما فاتها من الظفر والغنيمة. والله تعالى أعلم.

وقوله: (تخفق)؛ أي: تخيب. يقال: أخفق الصائد، إذا خاب، وكذلك


(١) في (ع): عنه.
(٢) رواه البخاري (١٢٧٦)، ومسلم (٩٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>