للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ استَيقَظَ وَهُوَ يَضحَكُ، قَالَت: فَقُلتُ: مَا يُضحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِن أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ. كَمَا قَالَ فِي الأُولِ، قَالَت: فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادعُ اللَّهَ أَن يَجعَلَنِي مِنهُم، قَالَ: أَنتِ مِن الأَوَّلِينَ. فَرَكِبَت أُمُّ حَرَامٍ بِنتُ مِلحَانَ البَحرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَت عَن دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَت مِن البَحرِ فَهَلَكَت.

وَفِي رِوَايَةٍ: يَركَبُونَ ظَهرَ هَذَا البَحرِ الأَخضَرِ.

ــ

عليه ثانيا مساوون للأولين في الرتبة، فسألت رتبتهم ليتضاعف لها الأجر، ولم تشك في إجابة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لها في المرة الأولى.

وقوله: (أنت من الأولين)؛ أي: من الزمرة التي رآها أولًا. وهذا يدل: على أن المرئيين ثانيًا ليسوا الأولين، وكانت الطائفة الأولى غزاة أصحابه في البحر.

والثانية: غزاة التابعين فيه. والله تعالى أعلم.

وقوله: (فركبت البحر في زمن معاوية)؛ ظاهره: في زمان خلافة معاوية. وقال به بعض أهل التاريخ. والأشهر من أقوالهم: إن ذلك إنما كان في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفيها كان معاوية قد غزا قبرص سنة ثمان وعشرين، ومعه زوجته فاختة بنت قرظة من بني عبد مناف، قاله خليفة بن خياط (١) وغيره. وفيها ركبت أم حرام البحر مع زوجها إلى قبرص، وبها توفيت حين صرعتها دابتها، ودفنت بها.

وفيه دليل: على صحَّة نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلى صدقه، فإنه قد وقع ما أخبر عنه من الغيب على نحو ما أخبر عنه.


(١) هو العُصْفُري البصري الشيباني، محدِّث، نسَّابة، إخباري، صنَّف "التاريخ" و"الطبقات". توفي سنة (٢٤٠ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>