قال:(الشهداء سبعة، والقتيل في سبيل الله)(١)، وذكر نحو ما تقدَّم، وزاد:(وصاحب ذات الجنب، والحريق، والمرأة تموت بجمع)، ولا يظن: أن بين قوله: (الشهداء خمسة)، و (الشهداء سبعة)، تناقضًا؛ لأنهما حديثان مختلفان، أخبر بهما في وقتين مختلفتين. ففي وقت أوحي إليه أنهم خمسة. وفي وقت آخر أوحي إليه أنهم أكثر. والله تعالى أعلم.
فأما المطعون؛ فهو الذي يموت بالطاعون، وهو: الوباء. وقد فسَّره في الحديث الآخر؛ إذ قال فيه:(الطاعون شهادة لكل مسلم)، ولم يُرد المطعون بالسَّنان، لأنه هو المقتول في سبيل الله، المذكور من جملة الخمسة.
و(المبطون): هو الذي يموت من علَّة البطن، كالاستسقاء، والحقن- وهو: انتفاخ الجوف-، والإسهال.
و(الغرق) يروى بغير ياء، كحذر. ويروى بالياء، وهو للمبالغة كعليم.
و(صاحب الهدم): هو الذي يموت تحت الهدم.
و(الحريق): هو الذي يموت بحرق النار.
وهؤلاء الثلاثة إنما حصلت لهم مرتبة الشهادة لأجل تلك الأسباب؛ لأنهم لم يغررّوا بنفوسهم، ولا فرّطوا في التحرز، ولكن أصابتهم تلك الأسباب بقضاء الله وقدره. فأما من غرر، أو فرط في التحرز حتى أصابه شيء من ذلك فمات، فهو عاص، وأمره إلى الله؛ إن شاء عذب، وإن شاء عفا.
وأما صاحب ذات الجنب: فهي قرحة في الجنب، وورم شديد، وتُسمى: الشوصة.
(١) رواه أبو داود (٣١١١)، والنسائي (٤/ ١٣)، وابن ماجه (٢٧٠٣).