أَتَحَمَّلُ أَمرَكُم حَيًّا وَمَيِّتًا! لَوَدِدتُ أَنَّ حَظِّي مِنهَ الكَفَافُ لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، فَإِن أَستَخلِف فَقَد استَخلَفَ مَن هُوَ خَيرٌ مِنِّي - يَعنِي أَبَا بَكرٍ - وَإِن أَترُككُم فَقَد تَرَكَكُم مَن هُوَ خَيرٌ مِنِّي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. قال عَبدُ اللَّهِ: فَعَرَفتُ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ غير مُستَخلِفٍ.
رواه مسلم (١٨٢٣)(١١).
* * *
ــ
الحالين، أو مبتدأ وخبره محذوف؛ أي: منكم راغب، ومنكم راهب. ثم ما الذي رغبوا فيه ورهبوا منه؟ وظاهره أنه الثناء المتقدّم الذي أثنوا عليه؛ أي: منهم من رغب في الثناء لغرض له، ومنهم من رغب عنه لما يخاف منه. وقيل: راغب في الخلافة لنيل منصبها، وراهب منها لعظيم حقوقها وشدّتها. وقيل: تقديره أنا راغب في الاستخلاف لئلا يضيع المسلمون، وراهب منه لئلا يفرّط المستخلَف ويقصر فيما يجب عليه من الحقوق - وكلٌّ محتمل، والله تعالى أعلم.
وقد حصل من هذا الحديث أنَّ نَصبَ الإمام لا بدَّ منه، وأن لنصبه طريقين؛
أحدهما: اجتهاد أهل الحل والعقد.
والآخر: النصُّ؛ إما على واحدٍ بعينه، وإما على جماعة بأعيانها ويفوّض التخيير إليهم في تعيين واحد منهم - وهذا مما أجمع عليه السَّلف الصالح، ولا مبالاة بخلاف أهل البدع في بعض هذه المسائل، فإنهم مسبوقون بإجماع السلف، وأيضًا: فإنهم لا يُعتدُّ بخلافهم على ما تقدَّم.