للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكِلتَا يَدَيهِ يَمِينٌ - الَّذِينَ يَعدِلُونَ فِي حُكمِهِم وَأَهلِيهِم وَمَا وَلُوا.

رواه أحمد (٢/ ١٦٠)، ومسلم (١٨٢٧)، والنسائي (٨/ ٢٢١).

[١٤٠٦] وعَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ شِمَاسَةَ قَالَ: أَتَيتُ عَائِشَةَ أَسأَلُهَا عَن

ــ

الجوارح المركَّبة من الأعصاب والعظام، وما جاء في الشريعة مِمّا يوهم شيئًا من ذلك فهو توسُّعٌ واستعارة حسب عادات مخاطباتهم الجارية على ذلك.

وقد توسَّعت العرب في اليمين فأطلقوه ولا يريدون به يمين الجارحة، بل الجهة المحمودة والظفر بالخصلة الشريفة المقصودة، كما قال شاعرهم (١):

إذا ما رايةٌ رُفِعت لِمَجدٍ ... تلّقاها عُرابةُ باليمين

والمَجدُ: الشرف. ورايتُه عبارةٌ عَمَّا يظهرُ مَن خِصَالَه، وهما معنويان؛ فاليمين التي تتلَقَّى به تلك الراية معنويّ لا محسوس (٢)، فأشَبَهُ ما يُحمَلُ عليه اليمين في هذا الحديث ما قاله ابن عرفة: إنه عبارة عن المنزلة الرفيعة والدرجة المنيعة. وقد قدّمنا أن اشتقاق اليمين من اليُمن، وأن كل ذلك راجع إلى اليُمن والبركة.

وقوله وكلتا يديه يمين تحرّز عن توهم نقصٍ وضعفٍ فيما أضافه إلى الحق سبحانه وتعالى مِمّا قصد به الإكرام والتشريف على ما مَرَّ، وذلك أنه لما كانت اليمين في حقِّنا يقابلها الشمال - وهي أنقص منها رتبةً وأضعف حركةً وأثقل لفظًا - حَسَمَ تَوهُّم مثل هذه في حق الله تعالى، فقال وكلتا يديه يمين؛ أي: كُلَّ ما نُسِبَ إليه من ذلك شريف محمود لا نقص يُتوهم فيه ولا قصور.


(١) هو الشماخ، والبيت الذي قبله:
رأيتُ عرابةَ الأوسي يسمو ... إلى الخيراتِ منقطعَ القرينِ
(٢) في (ج): معنوية لا محسوسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>