رواه أحمد (١/ ٩٤)، والبخاري (٧٢٥٧)، ومسلم (١٨٤٠)، (٣٩ و ٤٥)، وأبو داود (٢٦٢٥)، والنسائي (٧/ ١٠٩).
* * *
ــ
وقوله إنّما الطاعة في المعروف، إنّما هذه للتحقيق والحصر؛ فكأنه قال: لا تكون الطّاعة إلا في المعروف. ويعني بالمعروف هنا ما ليس بمنكرٍ ولا معصية، فيدخل فيها الطاعات الواجبة والمندوب إليها والأمور الجائزة شرعًا، فلو أمر بجائزِ لصارت طاعته فيه واجبة ولما حَلَّت مخالفتُه، فلو أمر بما زجر الشرع عنه زَجرَ تنزيهٍ لا تحريمٍ فهذا مُشكِلٌ، والأظهر جواز المخالفة تمسَّكًا بقوله إنما الطاعة في المعروف، وهذا ليس بمعروف إلا بأن يخاف على نفسه منه، فله أن يمتثل (١)، والله تعالى أعلم.
تنبيه: هذا الحديث يَرُدُّ حكايةً حُكيت عن بعض مشايخ الصوفية، وذلك أن مريدًا له قال له يومًا: قد حمي التنورُ، فما أصنع؟ فتغافل عنه، فأعاد عليه القول فقال له: ادخل فيه. فدخل المريد في التنور، ثم إن الشيخ تذكّر فقال: الحقوه، كان قد عقد على نفسه ألا يخالفني! فلحقوه فوجدوه في التنور لم تضره النار! وهذه الحكاية أظنها من الكذب الذي كُذِبَ به على هذه الطائفة الفاضلة، فكم قد كَذَبَ عليها الزنا قةُ وأعداءُ الدين، وبيان ما يحقق ذلك أنَّ هذا الشيخ إمّا أن يكون قاصدًا لأمر ذلك المريد بدخول التنور أو لا، فإن كان قاصدًا كان قَصدُهُ ذلك معصيةً، ولا طاعة فيها بنصِّ النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون امتثال المريد لذلك معصيةً، وكيف