للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَنَادَاهُ فَقَالَ: إِنَّكَ لَجِلفٌ جَافٍ، فَلَعَمرِي لَقَد كَانَت المُتعَةُ تُفعَلُ عَلَى عَهدِ إِمَامِ المُتَّقِينَ يُرِيدُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ ابنُ الزُّبَيرِ: فَجَرِّب بِنَفسِكَ، فَوَاللَّهِ لَئِن فَعَلتَهَا لَأَرجُمَنَّكَ بِأَحجَارِكَ. قَالَ ابنُ شِهَابٍ: فَأَخبَرَنِي خَالِدُ بنُ

ــ

عبد الله بن عبَّاس في آخر عمره (١) قل ما يُصغي لمن يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدّم من قوله: (فلما ركب الناس الصعب والذلول لم يأخذ من الناس إلا ما يعرف). وكان قد عرف الإباحة فاقتصر عليها، ولم يُصغِ إلى غيرها. كما قال: (لقد كانت تفعل على عهد إمام المتقين رسول رب العالمين، رسول الله صلى الله عليه وسلم.

و(الجِلفُ) و (الجافي) هما بمعنى واحد؛ قاله ابن السكيت وغيره. وكرَّرَهما لفظًا لاختلافهما على عادة العرب في ذلك، وعليه حملوا: {إِنَّمَا أَشكُو بَثِّي وَحُزنِي إِلَى اللَّهِ} و: حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَو تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ. وأصل الجلف: الشاة المسلوخة بغير رأس ولا قوائم، قاله القُتبي والهروي.

و(التائه) (٢): الحائد عن مقصوده، الحائر.

و(قوله: لئن فعلتها لأرجمنَّك بأحجارك) حجة لأحد القولين المتقدمين في أن من نكح نكاح المتعة أقيم عليه الحدّ. ويحتمل أن يُحمل على الإرهاب والتغليظ.

وكِنَايَتُهم عن ابن عباس في هذه المسألة بـ (رجل) سترٌ منهم له؛ لأجل هذه الفتيا التي صدرت عنه، فإنها ما كانت تليق بعلمه، ولا بمنصبه في الفضل والدين.

وإنكار علي، وابن الزبير، وغيرهما، وإغلاظهم عليه، ولا منكر عليهم، يدلُّ على أن تحريم ذلك كان عندهم معلومًا.


(١) في (ج ٢): أمره.
(٢) وردت هذه الروايةُ في إحدى روايات الحديث (١٤٠٧/ ٢٩) ولم يوردها التلخيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>