للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٤٦٦] وعَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ شِمَاسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُقبَةَ بنَ عَامِرٍ عَلَى

ــ

فإن فيها إعمال كل واحد من الحديثين، ومراعاة للمعنى. فإن المفسدة إنما تحصل بتأكد التراكن.

واختلف أصحابنا في التراكن. فقيل: هو مجرّد الرِّضا بالزوج، والميل إليه، وقيل: بتسمية الصَّداق. وهذا عند أصحابنا محمول على ما إذا كانا شكلين. قال ابن القاسم: لا أرى الحديث إلا في الرجلين المتقاربين، فأمَّا صالِحٌ وفاسقٌ فلا. قال ابن العربي: لا ينبغي أن يختلف في هذا. وقال الشافعي: إنما النهي فيما إذا أذنت المرأة لوليها أن ينكحها من رجل مُعيَّن.

قلت: وهذا فيه بُعدٌ، فإنه حمل العموم الذي قُصِد به تقعيد قاعدة على صورة نادرة. وهذا مثل ما أنكره الشافعي على أبي حنيفة؛ إذ حمل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) (١) على المكاتبة. وتحقيقه في الأصول.

والقول في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبع أحدكم على بيع أخيه) محمول على مثل ما تقدّم في قوله: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه).

وقد حمله بعض العلماء على ظاهره وعمومه، حتى كره بيع المزايدة خوفًا من الوقوع في ذلك. وهذا ليس بصحيح؛ لأن الله تعالى قد أحل البيع مطلقا، وقد باع النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه بيع المزايدة على ما في كتاب (٢) أبي داود (٣): فأخذ في يده حِلسًا وقَدَحًا كانا لرجل سأله صدقة، فقال صلى الله عليه وسلم: (من يشتري مني هذا بدرهم؟ ) وقال رجل: هو لي بدرهم. فقال: (من يشتري مني هذا بدرهمين؟ ) فقال آخر: هو لي بدرهمين. فباعه منه، ثم دفعهما لصاحب الحِلسِ والقدح. وسيأتي الحديث في كتاب البيوع إن شاء


(١) رواه الترمذي (١١٠١)، وابن ماجه (١٨٨١)، والحاكم (٢/ ١٦٩) عن أبي موسى.
(٢) ساقط من (ع).
(٣) رواه أبو داود (١٦٤١)، وابن ماجه (٢١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>