للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفِضَّةَ مِن عُرضِ هَذَا الجَبَلِ، مَا عِندَنَا مَا نُعطِيكَ، وَلَكِن عَسَى أَن نَبعَثَكَ فِي بَعثٍ تُصِيبُ مِنهُ. فَبَعَثَ بَعثًا إِلَى بَنِي عَبسٍ. بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِم.

ــ

والشافعي، والكوفيون، وغيرهم، وأهل الظاهر. وقد كره ذلك قومٌ، لا مبالاة بقولهم؛ للأحاديث الصحيحة في هذا الباب.

ثم اختلف الجمهور، فقال مالك: يُنظر إلى وجهها، وكفَّيها، ولا ينظر إليها إلا بإذنها. وقال الشافعي وأحمد: بإذنها، وبغير إذنها إذا كانت مستترة. وقال الأوزاعي: ينظر إليها ويجتهد، وينظر مواقع اللحم منها. وقال داود: ينظر إلى سائر جسدها تمسكًا بظاهر اللفظ. وأصول الشريعة تردّ عليه في تحريم الاطلاع على الصورة.

وقد تقدَّم ذكر (الأُوقِية) (١).

و(تنحتون): تقطعون وتنجرون. والنَّحتُ: النَّجر والقَطع، ومنه: {وَتَنحِتُونَ مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا} وقوله تعالى: {أَتَعبُدُونَ مَا تَنحِتُونَ}

والنَّحَّات: النَّجار. و (عُرضُ الجبل): جانبه، وصفحه.

وهو بضم العين. والعَرض -بفتح العين -: خِلاف الطول. وعًرضُ البحر، والنَّهر، والمال: الوسَطُ من ذلك؛ قاله الحربي.

وهذا الإنكار منه صلى الله عليه وسلم على هذا الرَّجُل المتزوج على أربعة أواقٍ ليس إنكارًا لأجل المغالاة، والإكثار في المهر، فإنه صلى الله عليه وسلم قد أصدق نساءه خمسمائة درهم، وأربعة أواقٍ: مائة وستون درهمًا (٢). وإنما أنكر بالنسبة إلى حال الرجل؛ فإنه كان فقيرًا في تلك الحال، فأدخل نفسه في مشقة تَعرَّض للسؤال بسببها، ولذلك قال له: (ما عندنا ما نعطيك). ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بكرم أخلاقه، ورأفته، ورحمته جبرَ مُنكَسِرَ قلبه بقوله: (ولكن عسى أن نبعثك في بعث فتصيب منه) يعني به: سرية


(١) تساوي في زماننا (١٢٥) غ.
(٢) الدرهم يعادل في زماننا (٣.١٢) غ.

<<  <  ج: ص:  >  >>