للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَت: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئتُ أَهَبُ لَكَ نَفسِي، فَنَظَرَ إِلَيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَأسَهُ، فَلَمَّا رَأَت المَرأَةُ أَنَّهُ لَم يَقضِ فِيهَا شَيئًا جَلَسَت فَقَامَ رَجُلٌ مِن أَصحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِن لَم يَكُن لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجنِيهَا فَقَالَ: فَهَل عِندَكَ مِن شَيءٍ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: اذهَب إِلَى أَهلِكَ، فَانظُر هَل تَجِدُ شَيئًا؟ فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدتُ شَيئًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: التمس وَلَو خَاتِمًا مِن حَدِيدٍ فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ:

ــ

و(قولها: جئت أهب لك نفسي) أي: أُحكِّمُك فيها من غير عوضٍ. وكأنَّ هذه المرأة فهمت جواز ذلك من قوله تعالى: {وَامرَأَةً مُؤمِنَةً إِن وَهَبَت نَفسَهَا لِلنَّبِيِّ} وقد ذهب معظم العلماء: إلى أنَّ ذلك مخصوصٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ} وقد دلَّ على هذا المعنى من هذا الحديث قول الرُّجُل للنبي (١) صلى الله عليه وسلم: (إن لم يكن لك حاجة بها زوّجنيها). ولم يقل: هَبهَا لي.

واختلفوا في النكاح: هل ينعقد بلفظ الهبة، ويكون فيه صداق المثل، أو لا ينعقد بها وإن سمى فيه مهرًا؟ وإلى الأول ذهب مالك، وأبو حنيفة، والجمهور. وبالثاني قال الشافعي.

و(قوله: فصعَّد النظر فيها، وصوَّبه، ثم طأطأ رأسه) أي: نظر أعلاها، وأسفلها مرارًا. و (طأطأ) أي: خفض وأَطرق. وهذا دليل على جواز نظر الخاطب إلى المخطوبة، وتأمُّله ما لاح من محاسنها؛ لكن وعليها ثيابها، كما قال مالك.

و(قوله: التمس ولو خاتَمًا من حديد) تمسَّك به من لم ير للصَّداق حدًّا.


(١) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>