و(قولها: جئت أهب لك نفسي) أي: أُحكِّمُك فيها من غير عوضٍ. وكأنَّ هذه المرأة فهمت جواز ذلك من قوله تعالى:{وَامرَأَةً مُؤمِنَةً إِن وَهَبَت نَفسَهَا لِلنَّبِيِّ} وقد ذهب معظم العلماء: إلى أنَّ ذلك مخصوصٌ بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ مِن دُونِ المُؤمِنِينَ} وقد دلَّ على هذا المعنى من هذا الحديث قول الرُّجُل للنبي (١) صلى الله عليه وسلم: (إن لم يكن لك حاجة بها زوّجنيها). ولم يقل: هَبهَا لي.
واختلفوا في النكاح: هل ينعقد بلفظ الهبة، ويكون فيه صداق المثل، أو لا ينعقد بها وإن سمى فيه مهرًا؟ وإلى الأول ذهب مالك، وأبو حنيفة، والجمهور. وبالثاني قال الشافعي.
و(قوله: فصعَّد النظر فيها، وصوَّبه، ثم طأطأ رأسه) أي: نظر أعلاها، وأسفلها مرارًا. و (طأطأ) أي: خفض وأَطرق. وهذا دليل على جواز نظر الخاطب إلى المخطوبة، وتأمُّله ما لاح من محاسنها؛ لكن وعليها ثيابها، كما قال مالك.
و(قوله: التمس ولو خاتَمًا من حديد) تمسَّك به من لم ير للصَّداق حدًّا.