للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا دَخَلَ المدينَةَ قَالَ: اللَّهُ أَكبَرُ خَرِبَت خَيبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلنَا بِسَاحَةِ قَومٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنذَرِينَ قَالَهَا ثَلَاثَ مرار قَالَ: وَقَد خَرَجَ القَومُ

ــ

الأحاديث قضايا معيّنة في أوقات وأحوال مخصوصة، يتطرَّق إليها من الاحتمال ما لا يتطرَّق لحديث جرهد، فإنه إعطاء حُكم كلِّيٍّ وتقعيد للقاعدة، فكان أولى.

بيان ذلك: أن تلك الوقائع تحتمل خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، أو البقاء على البراءة الأصلية؛ إذ كان لم يحكم عليه في ذلك الوقت بشيء، ثم بعد ذلك حكم عليه: بأن الفخذ عورة. ويحتمل حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشعر بانكشافه لِهَمِّه بشأن فتح خيبر، إلى غير ذلك من الاحتمالات التي لا يتوجه بشيء (١) منها على حديث جَرهَد، فكان أولى، والله تعالى أعلم.

وتكبيرُه صلى الله عليه وسلم تعظيم لله، وتحقيرٌ لهم، وتشجيع عليهم. وقد تكلَّمنا على معنى الله أكبر في كتاب الحج.

و(قوله: خربت خيبر) أي: صارت خرابًا منهم. وهل ذلك على حقيقة الخبرية، فيكون ذلك من باب الإخبار عن الغيب، أو على جهة الدُّعاء عليهم، أو على جهة التفاؤل لَمَّا خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم ومرورهم؟ وقد قيل كل ذلك. والأوَّل أولى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين).

و(الساحة): الناحية، والجهة. و (ساء): أي: صار سيئًا؛ من السُّوء. و (المنذر): أبلغ الإنذار، وهو التخويف بالإخبار عن المكروه. و (البشارة): الإخبار بالمحبوب. و (الخميس): الجيش؛ سُمِّي بذلك؛ لأنه يقسم خمسة أخماس: القلب، والميمنة، والميسرة، والمقدمة، والساقة. وقيل: لأنه يخمَّس (٢). وليس بشيء؛ لأن هذا أمر مستجد من جهة الشرع، وكان الخميس


(١) من (م).
(٢) أي: تخمَّس فيه الغنائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>