للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا زَينَبُ أَرسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَذكُرُكِ قَالَت: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيئًا حَتَّى أُؤَامِرَ رَبِّي، فَقَامَت إِلَى مَسجِدِهَا. وَنَزَلَ القُرآنُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عَلَيهَا بِغَيرِ إِذنٍ قَالَ: فَقَالَ: وَلَقَد رَأَيتُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَطعَمَنَا الخُبزَ، وَاللَّحمَ حِينَ امتَدَّ النَّهَارُ، فَخَرَجَ النَّاسُ، وَبَقِيَ رِجَالٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي البَيتِ بَعدَ الطَّعَامِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَاتَّبَعتُهُ، فَجَعَلَ يَتَبَّعُ حُجَرَ نِسَائِهِ يُسَلِّمُ عَلَيهِنَّ، وَيَقُلنَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيفَ وَجَدتَ أَهلَكَ؟ قَالَ: فَمَا أَدرِي أَنَا أَخبَرتُهُ أَنَّ القَومَ قَد خَرَجُوا، أَو أَخبَرَنِي قَالَ: فَانطلق حَتَّى دَخَلَ البَيتَ

ــ

حديثها، فلمَّا أخبرها قالت: (حتى أؤامر ربي) أي: أستخيره، وأنظر أمره علي على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا وَكَلَت أمرَها إلى الله، وصحَّ تفويضُها إليه؛ تولّى الله تعالى إنكاحها منه صلى الله عليه وسلم ولم يحوجها إلى وليٍّ يتولى عقد نكاحها؛ ولذلك قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيدٌ مِنهَا وَطَرًا زَوَّجنَاكَهَا} ولما أعلمه الله تعالى بذلك؛ دخل عليها بغير وليٍّ (١)، ولا تجديد عقد، ولا تقرير صداق، ولا شيء مما يكون شرطًا في حقوقنا، ومشروعًا لنا. وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم اللاتي لا يشاركه فيها أحدٌ بإجماع المسلمين.

و(قوله: ولقد رأيتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا الخبز واللحم حين (٢) امتد النهار) أي: ارتفع واشتدَّ ضحاؤه. وهذه الوليمة التي أولم فيها بالشاة، كما جاء في الرواية الأخرى. وفي خروجه من البيت، وترك المتحدثين على حالهم، ولم يهجُهم: ما يدلُّ على كرم أخلاقه، وحسن معاملته، وكثرة حيائه، وإن يتحمل فيه مشقةً ومخالفةَ مقصده.


(١) في (ج ٢): إذن.
(٢) في (ع): حتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>