للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَيفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيفَ يَستَخدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ .

رواه أحمد (٦/ ٤٤٦)، ومسلم (١٤٤١).

ــ

فتحمل، ويتبين حملها: أن أشهب أجاز لزوجها وطأها. قال: وكرهه مالك وغيره من أصحابه. قال: فاتفقوا على كراهته، ومنعه من وطئها في ماء الزنا ما لم يتبين الحمل. وهذا الذي حكاه عن أشهب يردُّه هذا الحديث. ومعناه على ما يأتي. وكراهة مالك لذلك بمعنى: التحريم، والله تعالى أعلم. وإنما لم يُوقِع النبي صلى الله عليه وسلم ما هَمَّ به من اللَّعن؛ لأنه ما كان بَعدُ تقدَّم في ذلك بشيء. وأمَا بَعدَ أن تقدَم هذا الوعيد وما في معناه: ففاعل ذلك متعرِّضٌ للّعن يدخل معه قبره، ويدخله جهنم.

و(قوله: كيف يورثه وهو لا يحل له؟ ! كيف يستخدمه وهو لا يحل له؟ ! ) هذا تنبيه منه صلى الله عليه وسلم على أن واطئ الحامل له مشاركة في الولد. وبيانه: أن ماء الوطء يُنَمِّي الولد، ويزيد في أجزائه، ويُنعِّمه، فتحصل مشاركة هذا الواطئ للأب؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسق ماءه زرع غيره) (١). فإذا وطئ الأمة الحامل لم يصحّ أن يحكم لولدها بأنه ابن لهذا الواطئ؛ لأنه من ماء غيره نشأ. وعلى هذا فلا يحلُّ له أن يرثه، ولا يصح أيضًا أن يحكم لذلك الولد بأنه عبدٌ للواطئ؛ لما حصل في الولد من أجزاء مائه، فلا يحلَّ له أن يستخدمه استخدام العبيد؛ إذ ليس له بعبدٍ، لِمَا خالطه من أجزاء الحُرِّ.

وفيه من الفقه: ما يتبيَّن به استحالة اجتماع أحكام الحرية، والرِّق في شخص واحد، وأن مَن فيه شائبة بُنُوَّةٍ لا يُملَك، و (٢) أن من فيه شائبة رقٍّ لا يكون حكمه حكم الحرّ، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

وفيه: أن السِّباء يهدمُ النكاح، وهو مشهورُ مذهبنا، سواء سُبيا مجتمعين أو مفترقين، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.


(١) رواه أحمد (٤/ ١٠٨ - ١٠٩)، وأبو داود (٢١٥٨ و ٢١٥٩)، والدارمي (٢/ ٢٣٠).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>