للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوَلَدُ لِلفِرَاشِ،

ــ

مفرد، يريد به: عبد بن زمعة، ولا شك في هذا. وقد وقع لبعض الحنفية: (عبدُ) بغير (يا) فنوَّنه. وفرَّ بذلك عمَّا لزمهم من إلحاق الولد من غير اشتراط ولد متقدم. وقالوا: إنما ملَّكَه إياه؛ لأنه ابن أَمَةِ أبيه، لا أنَّه ألحقه بأبيه. وهذه غفلةٌ عن الرواية واللسان. أمَّا الرواية: فقد ذكرناها. وأمَّا اللسان: فلو سلَّمنا أن الرواية بغير (يا) فالمخاطب عبد بن زمعة، وهو بلا شك: منادى، إلا أن العرب تحذف حرف النداء من الأسماء الأعلام؛ كما قال تعالى: {يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا}، وهو كثير. و (عبد) هنا: اسم علمٌ يجوز حذفُ حرف النداء منه.

و(قوله: الولد للفراش) الفراش هنا: كناية عن الموطوءة؛ لأن الواطئ يستفرشها؛ أي: يُصَيِّرها كالفراش. ويعني به: أن الولد لاحِقٌ بالواطئ. قال الإمام: وأصحاب أبي حنيفة يحملونه على أن المراد به صاحب الفراش، ولذلك لم يشترطوا إمكان الوطء في الحرَّة. واحتجُّوا بقول جرير:

باتت تعانقه وبات فراشها ... خلق العباءة في الدماء قتيلًا

يعني: زوجها، والأول أولى لما ذكرناه من الاشتقاق، ولأن ما قدَّره من حذف المضاف ليس في الكلام ما يدلُّ عليه، ولا يُحوج إليه. وعلى ما أصَّلناه فقد أخذ بعموم قوله: (الولد للفراش) الشعبيُّ، ومن قال بقوله. فقال: الولد لا ينتفي عمَّن له الفراش لا بلعان، ولا غيره. وهو شذوذ، وقد حكي عن (١) بعض أهل المدينة، ولا حجة لهم في ذلك العموم لوجهين:

أحدهما: أنه خرج على سبب ولد الأمة، فيُقصر على سببه.

وثانيهما: أن الشرع قد قعَّد قاعدة اللّعان في حقّ الأزواج، وأن الولد ينتفي


(١) ليست في (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>