للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: أَلَم تَرَي أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيدِ بنِ حَارِثَةَ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيدٍ.

ــ

القلة أيضًا: أسرّة.

وهذا عبارة عن انطلاق وجهه، وظهور السرور عليه، ويُعَبِّر عن خلاف ذلك بالمقطب؛ أي: المجمع. فكأنَّ الحزن والغضب جَمَعَهُ وقبضَه.

و(مُجَزِّز) - بفتح الجيم، وكسر الزاي الأولى - هو المعروف عند الحفَّاظ. وكان ابن جريج يقول: مجزز - بفتح الزاي -. وقيل عنه أيضًا: مُحرِز - بحاء مهملة ساكنة، وراء مكسورة -. والصَّواب الأول. فإنه روي أنه إنما سُمِّي مُجززًا؛ لأنه كان إذا أخذ أسيرًا جز ناصيته. وقيل: حلق لحيتَه. قاله الزُّبيري. وكان من بني مُدلج، وكانت القِيافة فيهم وفي بني أسد.

قال الإمام أبو عبد (١) الله: كانت الجاهلية تقدح في نسب أسامة، لكونه أسود شديد السَّواد، وكان زيدٌ أبوه أبيض من القطن. هكذا ذكره أبو داود عن أحمد بن صالح.

قال القاضي: وقال غير أحمد: كان زيدٌ أزهر اللون، وكان أسامةُ شديد الأُدمة (٢). وزيد بن حارثة عربيٌّ صريحٌ من كلب، أصابه سِبَاءٌ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فتبنَّاه، فكان يُدعَى: زيدَ بنَ محمد. حتى نزل قوله تعالى: {ادعُوهُم لآبَائِهِم} فقيل: زيد بن حارثة. وابن زيد أسامة، وأمُّه أمُّ أيمن: بركة، وكانت تُدعَى: أم الظِّباء، مولاة عبد الله بن عبد المطلب، وداية رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم أر لأحد أنها كانت سوداء، إلا ما روي عن ابن سيرين في تاريخ أحمد بن سعيد. فإن كان هذا؛ فلهذا خرج أسامة أسود، لكن لو كان هذا صحيحًا لم ينكر النَّاس لونه؛ إذ لا ينكر أن يلد الإنسان أسود من سوداء. وقد نسبها الناس فقالوا: أم أيمن بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان. وقد ذكر مسلم في الجهاد عن ابن شهاب: أن أم أيمن كانت من الحبش وصيفة لعبد الله بن


(١) هو الإمام أحمد بن حنبل، كما سيأتي بعد قليل.
(٢) "الأُدْمة": السُّمْرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>