للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِخَبَرِ الوَحيِ وَغَيرِهِ وَآتِيهِ بِمِثلِ ذَلِكَ، وَكُنَّا نَحَدَّثُ: أَنَّ غَسَّانَ تُنعِلُ الخَيلَ لِتَغزُوَنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي ثُمَّ أَتَانِي فَضَرَبَ بَابِي، ثُمَّ نَادَانِي فَخَرَجتُ إِلَيهِ فَقَالَ: حَدَثَ أَمرٌ عَظِيمٌ قُلتُ: مَاذَا؟ أَجَاءَت غَسَّانُ؟ قَالَ: لَا. بَل أَعظَمُ مِن ذَلِكَ وَأَطوَلُ؛ طَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ. فَقُلتُ: قَد خَابَت حَفصَةُ وَخَسِرَت - وقَد كُنتُ أَظُنُّ أن هَذَا كَائِن - حَتَّى إِذَا صَلَّيتُ الصُّبحَ شَدَدتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، ثُمَّ نَزَلتُ فَدَخَلتُ عَلَى حَفصَةَ وَهِيَ تَبكِي. فَقُلتُ: أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَت: لَا أَدرِي هَا هُوَ ذَا يعتَزِلٌ فِي هَذِهِ المَشرُبَةِ فَأَتَيتُ غُلَامًا أَسوَدَ.

وفي رواية: فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى أُسكُفَّةِ المَشرُبَةِ، مُدَلٍّ رِجلَيهِ عَلَى فَقِيرٍ مِن خَشَبٍ وَهُوَ جِذعٌ يَرقَى عَلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَيَنحَدِرُ. فَقُلتُ: استَأذِن لعمر فَدَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ: قَد ذَكَرتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَانطَلَقتُ حَتَّى انتَهَيتُ إِلَى المِنبَرِ فَجَلَستُ،

ــ

قوله صلى الله عليه وسلم: (الأنصار كرشي، وعيبتي) (١). قال ابن الأنباري: معنى كرشي: أصحابي، وجماعتي الذين أعتمدهم. وأصل الكرش في اللغة: الجماعة. وقال غيره: ومعنى عيبتي: خاصتي، وموضع سرِّي. وأصل العيبة: الوعاء الذي يُجعل فيه الشيء النفيس الرفيع (٢). وتعني بذلك: ابنته حفصة.

و(رباح) هذا هو بباء بواحدة من تحتها. و (رمل الحصير): نَسجُه. وقال ابن القوطية: رملت الحصير رملًا، وأرملتُه: نَسَجتُهُ.

و(متكئ): قال القاضي عياض: أي متمكِّنًا في قعوده كالمتربِّع ونحوه.


(١) رواه أحمد (٣/ ١٨٨ و ٢٠١)، وابن حبان (٧٢٦٨)، وابن أبي شيبة (١٢/ ١٦٠)، والنسائي في فضائل الصحابة (٢٢١).
(٢) قال في النهاية: "الأنصار كرشي وعيبتي" أراد بطانته وموضع سرّه وأمانته، والذين يعتمد عليهم في أموره. واستعار الكرش والعيبة لذلك؛ لأنَّ المجتر يجمع علفه في كرشه، والرجل يضع ثيابه في عيبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>