للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ ابنُ شِهَابٍ: فَكَانَت تلك سُنَّةَ المُتَلَاعِنَينِ.

وفي رواية: فَفَارَقَهَا عِندَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ذَاكُم التَّفرِيقُ بَينَ كُلِّ مُتَلَاعِنَينِ.

رواه البخاريُّ (٥٣٠٨)، ومسلم (١٤٩٢)، وأبو داود (٢٢٤٥)، والنسائيُّ (٦/ ١٤٤)، وابن ماجه (٢٠٦٦).

* * *

ــ

و(قول ابن شهاب: (فكانت تلك سنة المتلاعنين) ظاهره: أنها إشارة إلى كونه طلقها ثلاثًا. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ذاكم التفريق بين كل متلاعنين) وبه تمسَّك من شذَّ من العلماء، فقال: هو ثلاث. والجمهور على أنه ليس بثلاث.

لكن اختلفوا؛ فأكثرهم: على أنه بفراغها من اللِّعَان يقع التحريم المؤبَّد، ولا تحل له أبدًا؛ وإن أكذب نفسه، متمسِّكين في ذلك بقوله: (لا سبيل لك عليها). وبما جاء في حديث ابن شهاب من رواية ابن وهب: (فمضت سنَّة المتلاعنين أن يفرق بينهما، ولا يجتمعا). وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن، وعبيد الله بن الحسن (١)، هو واحدة بائنة، وإن أكذب نفسه بعد اللعان حدّ، وحلت له. وغيرهم يحدُّونه، ويلحقون به الولد، ولا يحلونها له، وأشذُّ الخلاف في هذه المسألة قول عثمان البَتِّي: إنه لا يفرق بينهما. وحكاه الطبري عن جابر بن زيد. وهذا القول مردود بالنصوص المُتقدِّمة.

قلت: وهذه الرواية ظاهرها: أنَّه لاعنها لمجرد القذف، فإنَّه لم ينصّ فيها على رؤية الزنا، ولا على نفي الحمل، فيمكن أن يحتجّ بها من رأى اللعان لمجرد القذف، وهو الشافعي، والأوزاعي، وفقهاء المحدثين، والكوفيون. وهو أحد


(١) في (ع): عبد الله بن الحسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>