للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَذَابِ الآخِرَةِ قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا كَذَبتُ عَلَيهَا، ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَّرَهَا، وَأَخبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنيَا أَهوَنُ مِن عَذَابِ الآخِرَةِ قَالَت: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ، فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أَربَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِن الصَّادِقِينَ وَالخَامِسَةُ أَنَّ لَعنَةَ اللَّهِ عَلَيهِ إِن كَانَ مِن الكَاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنَّى بِالمَرأَةِ فَشَهِدَت أَربَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِن الكَاذِبِينَ،

ــ

وينبغي أن يتخذ سُنة في وعظ المتلاعنين قبل الشروع في اللعان. ولذلك قال الطبري: إنه يجب على الإمام أن يعظ كل من يحلّفه، وذهب الشافعي إلى أنه يعظ (١) كل واحد بعد تمام الرابعة وقبل الخامسة؛ تمسُّكًا منه بما في البخاري من حديث ابن عباس في لعان هلال بن أمية؛ أنَّه صلى الله عليه وسلم وعظها عند الخامسة (٢).

و(قوله: فبدأ بالرَّجل) إنَّما بدأ به لأنه القاذف، فيدرأ الحدَّ عن نفسه، ولأنه هو الذي بدأ الله تعالى به. فإذا فرغ من أيمانه تعيَّن عليها: أن تُقابل أيمانَه بأيمانها النافية لِما أثبته عليها، أو الحدُّ. وهذا مما أجمع عليه العلماء.

و(قوله: فشهد أربع شهادات) أي: حلف أربع أيمان. وهذا معنى قوله تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِم أَربَعُ شَهَادَاتٍ}؛ أي: يحَلفُ أربع أيمان. والعرب تقول: أشهد بالله؛ أي: أحلف. وكما قال شاعرهم:

فَأَشهدُ عِندَ اللهِ أَنِّي أُحبُّها ... فهذا لَها عِندِي فَمَا عندَهَا لِيَا؟

وهذا مذهب الجمهور. وقال أبو حنيفة: هي شهادات محقَّقة من المتلاعنين على أنفسهما.

وانبنى على هذا الخلاف في لعان الفاسقين والعبدين. فعند الجمهور يصحُّ، وعند أبي حنيفة لا يصحُّ. وربما اُستَدَل لأبي حنيفة بما رواه


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٢) انظر صحيح البخاري (٤٧٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>