للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِن أَجلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ المُرسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ، وَلَا شَخصَ أَحَبُّ إِلَيهِ المِدحَةُ مِن اللَّهِ، مِن أَجلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ.

رواه أحمد (٤/ ٢٤٨)، والبخاريُّ (٧٤١٦)، ومسلم (١٤٩٩).

* * *

ــ

و(قوله: من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين) ذلك إشارة إلى العذر. ومعناه: الإعذار للمكلفين. قال بعض أهل المعاني: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا أحد أغير من الله، ولا أحد أحبَّ إليه العذر من الله) منبِّها لسعدٍ، ورادعًا له عن الإقدام على قتل من وَجَدَه مع امرأته. فكأنه قال: إذا كان الله مع شدّة غيرته يُحبُّ الإعذار، ولم يؤاخذ أحدًا إلا بعد إنهاء الإعذار، فكيف تقدم على قتل من وجدته على تلك الحال؟ ! والله تعالى أعلم.

و(المدحة): المدح. وهو: الثناء بذكر أوصاف الكمال، والإفضال، فإذا أدخلت الهاء كسرت الميم. وإن أسقطتها فتحتها.

و(قوله: من أجل ذلك وعد الله الجنة) أي: من سبب حُبِّه للمدح وَعَدَ عليه بالجنَّة. وذِكرُه المدح مقرونًا مع ذكر الغيرة والإعذار: تنبيهٌ لسعدٍ على ألا يعمل غيرته، ولا يعجل بمقتضاها، بل يتأنى، ويترفق، ويتثبت؛ حتى يحصل على وجه الصواب من ذلك، وعلى كمال الثناء والمدح بالتأني، والرفق، والصبر، وإيثار الحق، وقمع النفس عند هيجانها، وغلبتها عند منازلتها. وهذا نحو من قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) (١) والله تعالى أعلم.

و(قول الملاعن: مالي) يعني: أنَّه طلب المهر الذي كان أمهرها.


(١) رواه أحمد (٢/ ٢٣٦)، والبخاري (٦١١٤)، ومسلم (٢٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>