[٤٥] وَعَن تَمِيمٍ الدَّارِيِّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلنَا: لِمَن؟ قَال: للهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، ولِأَئِمَّةِ المُسلِمِينَ وَعَامَّتِهِم.
رواه أحمد (٤/ ١٠٢)، ومسلم (٥٥)، وأبو داود (٤٩٤٤)، والنسائي (٧/ ١٥٦).
[٤٦] وعَن جَرِيرٍ؛ قَالَ: بَايَعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى إِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصحِ لِكُلِّ مُسلِمٍ.
ــ
و(قوله: الدِّينُ النَّصِيحَةُ) هي مصدرُ: نَصَحَ يَنصَحُ، نَصِيحَةً، ونُصحًا بضم النون، فأمَّا نَصَحتُ الثوبَ، فمصدره: نَصحًا بفتح النون؛ قاله الجوهريُّ. وقال الخطَّابِيُّ: النصيحةُ كلمةٌ يعبَّر بها عن جملةِ هي إرادةِ الخَيرِ للمنصوح له، وهي في اللغةِ الإخلاصُ؛ من قولهم: نَصَحتُ العَسَلَ: إذا صَفَّيتَهُ. قال نِفطَوَيهِ: يقال: نَصَحَ له الشيءُ: إذا خَلَصَ، ونصَحَ له القولَ: أخلَصَهُ له.
وقيل: هي مأخوذةٌ من النَّصحِ بالفتح، وهي الخِيَاطةُ، والإبرة: المِنصَحَة، والنِّصَاح: الخَيطُ، والنَّاصِحُ: الخَيَّاط؛ فكأنَّ الناصحَ لأخيه يَلُمُّ شَعَثَهُ ويَضُمُّهُ كما تَضُمُّ الإبرةُ خَرقَ الثوب.
فالنصحُ للهِ تعالى: هو صحةُ الاعتقادِ بالوحدانيَّة لله تعالى، ووصفُهُ بصفات الإلهية، وتنزيهُهُ عن النقائص، والرغبةُ في محابِّه، والبُعدُ عن مَسَاخطه. والنُّصُحُ لكتابِ الله تعالى: هو الإيمانُ به، وتحسينُ تلاوته، وتفسير معانيه، وتدبُّرُ آياته، وتوقيرُهُ وتعظيمه، والدعاءُ إليه، والذَّبُّ عنه.
والنصحُ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: هو التصديقُ بنبوَّته، والتزامُ طاعتِهِ فيما أمَرَ به ونَهَى عنه، وموالاةُ مَن والاه، ومعاداةُ مَن عاداه، وتوقيرُهُ وتعزيرُه (١)، ومحبَّتُهُ ومحبةُ آل بيته، وتعظيمُ سُنَّتِه، وإحياؤُهَا بعد موتِه، بروايَتِهَا وتصحيحها، والبَحثِ عنها والتفقُّهِ فيها، والذَّبِّ عنها ونَشرِها والدعاءِ إليها، والتخَلُّقِ بأخلاقِهِ الكريمة.