رواه أحمد (٢/ ٣٠٧)، ومسلم (١٥٢٢)، والترمذي (١٢٢٣)، والنسائي (٧/ ٢٥٦)، وابن ماجه (٢١٧٦).
ــ
واحدٍ. وحمله مالك على أهل العمود ممن بعد منهم عن الحضر، ولا يعرف الأسعار، إذا كان الذي جلبوه من فوائد البادية بغير شراء. وإنما قيده مالك بهذه القيود نظرًا إلى المعنى المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم:(دع الناس يرزق الله بعضهم من بعض). وذلك: أن مقصوده أن يرتفق أهل الحاضرة بأهل البادية، بحيث لا يضر ذلك بأهل البادية ضررًا ظاهرًا. وهذا لا يحصل إلا بمجموع تلك القيود.
وبيانه: أنهم إذا لم يكونوا أهل عمود كانوا أهل بلاد وقرى، وغالبهم يعرف الأسعار. وإذا عرفوها صارت مقاديرها مقصودة لهم. فلهم أن يتوصلوا إلى تحصيلها بأنفسهم أو بغيرهم. وإذا كان الذي جلبوه عليهم بالشراء فهم تجار يقصدون الأرباح، فلا يحال بينهم وبينها. فلهم التوصل إليها بالسَّماسرة وغيرهم، وأما أهل العمود، والموصوفون بالقيود المذكورة: فإن باع لهم السماسرة وغيرهم ضروا بأهل الحاضرة في استخراج غاية الأثمان، فيما أصله على أهل البادية بغير ثمن، فقصد الشرع أن يباشروا بيع سلعهم بأنفسهم ليرتفق أهل الحاضرة بالرخص فيما لا ضرر على أهل البادية فيه. وأعرض الشرع عما يلحق أهل البادية في ذلك دفعًا لأشد الضررين، وترجيحًا لأعظم المصلحتين.
واختلف في شراء أهل الحاضرة للبادي. فقيل بمنعه قياسًا على البيع لهم. وقيل: يجوز ذلك؛ لأنه لما صار ثمن سلعته بيده عينًا أشبه أهل الحضر. فإذا وقع هذا البيع فهل يفسخ معاقبة لهم، أو لا يفسخ لعدم خلل ركن من أركان البيع؟ قولان.
و(قوله: لا تُصَرُّوا الإبل والغنم): روايتنا فيه بضم التاء وفتح الصاد، وضم الراء مشددة بعدها واو الجمع. (الإبلَ) بالنصب، نحو:{فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُم} وهو الصحيح تقييدًا ولغة. وقد قيده بعضهم (لا تَصُرُّوا بفتح التاء،