للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٦١٠] وعنه قَالَ: رَأَيتُ النَّاسَ فِي عَهدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا ابتَاعُوا الطَّعَامَ جِزَافًا يُضرَبُونَ فِي أَن يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِم، وَذَلِكِ حَتَّى يُؤوُوهُ إِلَى رِحَالِهِم.

ــ

ورأى: أن قبض الجزاف نقله. وبه قال الكوفيون، والشافعي، وأبو ثور، وأحمد، وداود. وهم على أصولهم في منعه في كل شيء إلا ما استثني حسب ما تقدم، وحمل مالك رحمه الله هذه الأحاديث على الأولى والأحبِّ، فلو باع الجزاف قبل نقله جاز؛ لأنه بنفس تمام العقد، والتخلية بينه وبين المشتري صار في ضمانه، ولدليل الخطاب في قوله صلى الله عليه وسلم: (من ابتاع طعامًا بكيل) (١) وما في معناه. وإلى جواز ذلك صار البتِّيّ، وسعيد بن المسيب، والحسن، والحكم، والأوزاعي، وإسحاق على أصولهم.

فرع: ألحق مالك رحمه الله بيع الطعام قبل قبضه بسائر عقود المعاوضات كلّها، فمن حصل له طعام بوجه معاوضة؛ كأخذه في صلح من دم، أو مهر، فلا يجوز له بيعه قبل قبضه. واستثنى من ذلك الشركة والتولية، والإقالة (٢). وقد روي عنه منعه في الشركة. ووافقه الشافعي، وأبو حنيفة في الإقالة خاصة.

قلت: والذي أوجب استثناء هذه الأربعة العقود عند مالك أنها عقود؛ المقصود بها: المعروف، والرِّفق، لا المشاركة، والمكايسة، فأشبهت القرض. وأولى من هذا: مرسلان صحيحان، مشهوران:

أحدهما: قال سعيد بن المسيب في حديث ذكره -كأنَّه عن النبي صلى الله عليه وسلم -: لا بأس


(١) من حديث أبي داود (٣٤٩٥).
(٢) انظر الموطأ (٢/ ٦٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>