رواه أحمد (٢/ ٢٣٧)، والبخاري (٢١٩٠)، ومسلم (١٥٤١)، وأبو داود (٣٣٦٤)، والترمذي (١٣٠١)، والنسائي (٧/ ٢٦٨).
* * *
ــ
بهما ما في معناهما مما يُدَّخر للقوت؟ قولان؛ وقد تقدَّما. والأولى: التعدية، والإلحاق؛ لأن المنصوص عليه في الحديث التمر، وقد ألحق بها الزبيب قولًا واحدًا عندنا، وليس منصوصًا عليه، ولا سبب للإلحاق إلا أن الزبيب في معنى التمر، فيلحق بهما كل ما في معناهما من المدخر للقوت.
وقد وسَّع المناط يحيى بن عمر من أصحابنا فقاس سائر الثمار على النخل والعنب، فأجاز بيع الثمار كلها بخرصها إذا طابت إلى الجداد. وشذَّ في ذلك شذوذًا منكرًا لم يقل به أحدٌ من أهل العلم. وقد دلَّ هذا الحديث على قصر الرُّخصة على هذا القدر فلا يزاد عليه. لكن هذا إنما شرط في بيعها من معريها بخرصها كما تقدَّم، وأمَّا من غيره، أو منه بالعين أو بالعروض، فجائز مطلقا من غير تقدير. هذا هو المشهور عن المذهب. وقد روي عنه أنه لا يجوز شراؤها للمعري إلا بالخرص خاصة، لا بغيره؛ لأنه من باب: العود في الهبة، ومحل الرُّخصة الخرص فيقصر عليه. وهذا هو سبب الخلاف في أكثر مسائل هذا الباب؛ أعني: هل يقاس على الرخص، أو لا؟
و(قوله: فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق) هو شكٌّ من داود بن الحصين. وموضع الشك: الخمسة. فتطرح، ويعوَّل على أن الجواز مخصوص بما دونها لأوجه:
أحدها: أن الحكم لا يثبت بالشك.
والثاني: أن الأصل في المزابنة المنع، إلا فيما تحققت فيه الرخصة، ولم تتحقق هنا في الخمسة، بل فيما دونها.
والثالث: أن الخمسة الأوسق هو أول مقادير المال الكثير، الذي تجب فيه