قلت: وهذه الكراهة من مالك: إنما هي من طريق تسمية ترك الأولى: مكروهًا.
و(قوله: فله أي ذلك أحبَّ) أي: الوضع أو الرفق. وكان حقه: أي ذينك. فإن المشار إليهما اثنان، لكنه أشار إلى الكلام المتقدِّم المذكور. فكأنه قال: فله أي ذلك المذكور أحب. كما قال تعالى:{وَمَن يَفعَل ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا} وإذا تأملت هذا الكلام بان لك لطافة النبي صلى الله عليه وسلم وحُسن سياسته، وكرم خلق الرَّجل، ومسارعته إلى فعل الخير.
و(قوله: إن كعبًا تقاضى ابن أبي حَدرد دَينًا في المسجد) أي: سأل من ابن أبي حدرد أن يقضيه دينه الذي له عليه، فارتفعت أصواتهما بسبب ذلك حتى سمعهما النبي صلى الله عليه وسلم من بيته، ولم ينكر عليهم، فكان ذلك دليلًا على استباحة مثل ذلك في المسجد ما لم يتفاحش. فإن تفاحش كان ذلك ممنوعًا؛ إذ قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رفع الأصوات في المساجد.
و(قوله بالإشارة: (ضع الشطر من دينك) دليل: على أن الإشارة بمنزلة