للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٦٦٣] وعنه قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِقَتلِ الكِلَابِ، وَأَرسَلَ فِي أَقطَارِ المَدِينَةِ أَن تُقتَلَ.

ــ

جميع الكلاب من غير استثناء شيء منها، فبادروا، وقتلوا كل ما وجدوا منها، ثم بعد ذلك رخص فيما ذكر. فيكون هذا الترخيص من باب النسخ؛ لأن العموم قد استقرَّ، وبردَ، وعمل عليه، فرفع الحكم عن شيء مما تناوله نسخ لا تخصيص. وقد ذهب إلى هذا في هذا الحديث بعض العلماء.

ونحو من حديث عبد الله بن المغفل حديث جابر بن عبد الله، قال: قد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها، فنقتله، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها فقال: (عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين؛ فإنه شيطان). فمقتضاه: أن الأمر كان بقتل الكلاب عامًّا لجميعها، وأنه نسخ عن جميعها إلا الأسود. وقد ذهب إلى هذا بعض العلماء.

ولَمَّا اضطربت هذه الأحاديث المروية وجب عرضها على القواعد الأصولية، فنقول: إن حديث ابن عمر ليس فيه أكثر من تخصيص عموم باستثناء مقترن به، وهو أكثر في تصرفات الشرع من نسخ العموم بكليته. وأيضًا: فإن هذه الكلاب المستثنيات الحاجة إليها شديدة، والمنفعة بها عامَّة وكيدة، فكيف يأمر بقتلها؛ هذا بعيد من مقاصد الشرع، فحديث ابن عمر أولى، والله تعالى أعلم.

قلت: والحاصل من هذه الأحاديث: أن قتل الكلاب غير المستثنيات مأمور به إذا أضرَّت بالمسلمين، فإن كثر ضررها وغلب، كان ذلك الأمر على الوجوب، وإن قل وندر، فأي كلب أضرَّ وجب قتله، وما عداه جائز قتله؛ لأنه سبع لا منفعة فيه، وأقل درجاته توقع الترويع، وأنه يُنقص من أجر مقتنيه كل يوم قيراطين (١). فأمَّا المرَوِّع منهن غير المؤذي: فقتله مندوب إليه. وأما الكلب


(١) في (ل ١): يَنقصُ من أجر مقنيه كل يوم قيراطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>