للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وما يفسدها، وتعلُّق أعمال الجوارح بها. وحينئذ يستلزم ذلك الحديث معرفة تفاصيل أحكام الشريعة كلَّها، أصولها وفروعها. والله هو المسئول أن يستعملنا بما علمنا، ويوفقنا لما يرضى به عنَّا. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

و(قوله: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الرِّبا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه). وقال: (هم سواء). آكل الربا: آخذه. وعبَّر عن الأخذ بالأكل؛ لأن الأخذ إنما يُرَاد للأكل غالبًا؛ ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ اليَتَامَى ظُلمًا}؛ أي: يأخذونها، فإنه لم يعلّق الوعيد على أموال اليتامى من حيث الأكل فقط، بل من حيث إتلافها عليهم بأخذها منهم. وموكل الربا: معطيه. وهذا كما قال في الحديث الآخر: (الآخذ والمعطي فيه سواء) (١) وفي معنى المعطي: المعين عليه، وكاتبه: الذي يكتب وثيقته. وشاهداه: من يتحمَّل الشهادة بعقده، وإن لم يؤدها. وفي معناه: من حضره فاقرَّه. وإنما سوَّى بين هؤلاء في اللعنة؛ لأنه لم يحصل عقد الرِّبا إلا بمجموعهم. ويجب على السلطان إذا وقع له أحد من هؤلاء أن يُغلِّظ العقوبة عليهم في أبدانهم بالضرب، والإهانة، وبإتلاف مال الربا عليهم بالصدقة به، كما يفعل المسلم إذا آجر نفسه في عمل الخمر، فإنه يتصدَّق بالأجرة، وبثمن الخمر إذا باعها المسلم. ويدلّ على صحة ما ذكرناه قوله تعالى: {يَمحَقُ اللَّهُ الرِّبَا}؛ أي: يفسخ عقده، ويرفع بركته، وتمام المحق بإتلاف عينه.

* * *


(١) رواه مسلم (١٥٨٤)، والنسائي (٧/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>