للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ: مَن أَسلَفَ فِي تَمرٍ فَليُسلِف فِي كَيلٍ مَعلُومٍ، وَوَزنٍ مَعلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعلُومٍ.

ــ

و(قوله: من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) إنما جرى ذكر التمر في هذه الرواية؛ لأنه غالب ما يسلم فيه عندهم. وقد سكت عنه في الرواية الأخرى، فكانت هذه الرواية دليلًا على جواز السَّلم في كل شيء من الحيوان وغيره من العروض مما تجتمع شروط السَّلم فيه، وهو مذهب الجمهور من الصحابة، والتابعين، وأئمة الفتيا. وقد منع السَّلم والقرض في الحيوان الأوزاعي، والثوري. وروي عن ابن عمر، وابن مسعود. والكتاب والسُّنة حجة عليهم. فمن الكتاب عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ} وقوله: {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ} ومن السُّنة الحديث المتقدم، وقياس الحيوان على العروض، ولا فارق بينهما.

وفيه دليل: على اشتراط كون المُسلَم فيه معلوم المقدار. وكذلك لا بُدَّ أن يكون معلوم الصفة المقصودة المعينة، ليرتفع الغرر والجهالة. وهو مجمع عليه، وإنما لم يذكر اشتراطها في هذا الحديث؛ لأنهم كانوا يشترطونها ويعملون عليها، فاستغني عن ذكرها، واعتني بذكر ما كانوا يُخِلُّون به من المقدار والأجل. وأما رأس مال السَّلم: فقد اشترط فيه أبو حنيفة أن يكون معلوم الكيل، أو الوزن. وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز السَّلم بما كان معينًا، ولم يعلم كيله، ولا وزنه. وبه قال الشافعي في أحد قوليه. ولم يرد عن مالك فيه نصٌّ، لكن يتخرج من مسألة جواز بيع الجزاف فيما يجوز فيه جواز السَّلم بالمعين جزافًا. وهو الصحيح إن شاء الله تعالى؛ لأن التقدير في الجزاف كالتحقيق، فيستوي في جواز ذلك رأس مال السَّلم وغيره.

وفيه دليل: على اشتراط الأجل في السَّلم. وهو قول أبي حنيفة. والمشهور من قول مالك، غير أن أبا حنيفة لم يُفرق بين قريب الأجل وبعيده. وأما أصحابنا فقالوا: لا بدَّ من أجل تتغير فيه الأسواق. وأقله عند ابن القاسم خمسة عشر يومًا. وقال غيره: ثلاثة

<<  <  ج: ص:  >  >>