للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بيوم القيامة (١) ويلزمُ ذلك النونُ الشديدةُ أو الخفيفةُ، وحَذفُهَا شاذٌّ.

ومواقع النجوم مساقطها، وقيل: مطالعها، وقيل: انكدارُهَا وانتثارها يوم القيامة. وقيل في تأويلِ الآية: إنها قَسَمٌ بقلبِ محمد - صلى الله عليه وسلم -، والنجومُ هي القرآن؛ لأنَّه أُنزِلَ نجومًا؛ وروي ذلك عن ابن عبَّاس، والقَسَمُ: الإيلاءُ والحَلِفُ. وهذا وأشباهه قَسَمٌ من الله تعالى على جهة التشريفِ للمقسَمِ به، والتأكيدِ للمُقسَمِ له، ولله تعالى أن يُقسِمَ بما شاء مِن أسمائه وصفاتِهِ ومخلوقاتِهِ تشريفًا وتنويهًا؛ كما قال: وَالشَّمسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيلِ إِذَا يَغشَى، وَالعَادِيَاتِ، وَالمُرسَلَاتِ، وَالنَّازِعَاتِ ونحو هذا.

وقد تكلَّف بعضُ العلماء، وقال: إنَّ المقسَمَ به في مثلِ هذه المواضع محذوفٌ للعلم به؛ فكأنه قال: وربِّ الشمسِ، وربِّ الليل. والذي حمله على ذلك: أنَّه لمَّا سَمِع أنَّ الشرع قد نهانا أن نَحلِفَ بغير الله تعالى، ظنَّ أنَّ الله تعالى يمتنعُ مِن ذلك، وهذا ظن قاصر وفهمٌ غيرُ حاضر؛ إذ لا يَلزَمُ شيءٌ من ذلك؛ لأنَّ للهِ تعالى أن يحكمَ بما شاء، ويفعَلَ من ذلك (٢) ما يشاء؛ إذ لا يتوجَّهُ عليه حُكم، ولا يترتَّبُ عليه حَقٌّ. وأيضًا: فإنَّ الشرع إنما منعنا من القسمِ بغيرِ الله تعالى؛ حمايةً عن التشبُّهِ بالجاهليةِ فيما كانوا يُقسِمون به من معبوداتهم ومُعَظَّمَاتِهم الباطلةِ؛ على ما يأتي الكلامُ عليه في الأَيمَان.

وقوله: {إِنَّهُ لَقُرآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكنُونٍ} الكريم: الشريفُ الكثيرُ المنافعِ السَّهلهَا. والمكنونُ: المَصُونُ المحفوظ، ويعني بالكتاب: اللوحَ المحفوظَ؛ كقوله: بَل هُوَ قُرآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوحٍ مَحفُوظٍ.

والمُطَهَّرُونَ بحكم عُرفِ الشرع: هم المتطهِّرون من الحدَثِ؛ وعليه فتكونُ لَا نهيًا، ويَمَسّهُ مجزومٌ بالنهي، وضُمَّت سينه لأجل الضمير؛ كما قالوا: شُرهُ ومُرهُ. ويجوزُ أن يكون خبرًا


(١) الآية {لا أقسم بيوم القيامة} [القيامة: ١].
(٢) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>