للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٧٤٩] وعَن أَبي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مَن حَلَفَ مِنكُم فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: بِاللَّاتِ، فَليَقُل: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَمَن قَالَ لِصَاحِبِهِ

ــ

نصراني، أو بريء من الإسلام، أو من النبي صلى الله عليه وسلم، أو من القرآن، وما أشبه ذلك. فقال: هي أيمانٌ يلزم بها كفارةٌ إذا حنث فيها.

أما شذوذه: فلأنَّه لا سلفَ له فيه من الصحابة، ولا موافق له من أئمة الفتوى فيما أعلم. وأما تناقضه: فلأنَّه قال: لو قال: واليهودية، والنصرانية، والنبي، والكعبة؛ لم يجب عليه كفارة عنده مع أنها على صيغ الأيمان اللغوية، فأوجب الكفارة فيما لا يقال عليه يمين لا لغة ولا شرعا، ولا هو من ألفاظها، ولو عكس لكان أولى، وأمسَّ. ولا حجة له في آية كفارة اليمين؛ إذ تلك الكلمات ليست أيمانًا، كما بيَّناه. ولو سلَّمنا: أنها أيمان؛ فليست بمنعقدةٍ، فلا يتناولها العموم. ثم يلزم بحكم العموم أن يوجب الكفارة في كل ما يقال عليه يمين لغة، وعرفًا، ولم يقل بذلك. والله تعالى أعلم.

و(قوله: من قال: واللات؛ فليقل: لا إله إلا الله) اللات، والعزى، ومناة: أصنام ثلاثة كانت في جوف الكعبة. وقيل: كانت اللات بالطائف. والعزى بغطفان، وهي التي هدمها خالد بن الوليد. ومناة بقديد. وقيل بالمشلل. فأمَّا اللات فقيل: إنَّهم أرادوا به تأنيث اسم الله تعالى. وقيل: أرادوا أن يسموا بعض آلهتهم باسم الله تعالى، فصرف الله ألسنتهم عن ذلك؛ فقالوا: اللات؛ صيانة لذلك الاسم العظيم أن يُسمَّى به غيره، كما صرف ألسنتهم عن نسب (١) محمد صلى الله عليه وسلم إلى: مُذَمَّم، فكانوا إذا تكلموا باسمه في غير السَّبِّ قالوا: محمَّد، فإذا أرادوا أن يسبُّوه قالوا: مُذَمَّم. حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تعجبون! مِمَّا صرف الله عني من أذى قريش، يسبون مذمَّمًا، وأنا مُحمَّد) (٢). ولَمَّا نشأ القوم على تعظيم تلك الأصنام، وعلى الحلف بها، وأنعم الله عليهم بالإسلام بقيت تلك الأسماء تجري على


(١) في (ع) و (ل ١): سب، والمثبت من (ج ٢).
(٢) رواه البخاري (٣٥٣٣)، والنسائي (٦/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>