للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الذي أراد، لكن الذي حمله على ذلك صدق نيته في حصول الخير، وظهور الدِّين، وفعل الجهاد، وغلبة رجاء فضل الله تعالى في إسعافه بذلك. ولا يظن به: أنه قطع بذلك على الله تعالى إلا من جهل حالة الأنبياء في معرفتهم بالله تعالى وبحدوده، وتأدبهم معه.

ورواية العذري: (لأطوفن). ورواية الجماعة كما تقدم. وكلاهما صحيح في اللغة. يقال: أطفت بالشيء، أطيف به، وأنا مطيف. وطفت على الشيء، وبه، أطوف، وأنا طائف، كما قال تعالى: {فَطَافَ عَلَيهَا طَائِفٌ مِن رَبِّكَ وَهُم نَائِمُونَ} وأصله: الدَّوران حول الشيء. ومنه: الطواف بالبيت. وهو في هذا الحديث كناية عن الجماع، كما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم: أنَّه كان يطوف على نسائه، وهن تسع، في ساعة واحدة من ليل أو نهار (١). وهذا يدل على ما كان الله تعالى خصَّ به الأنبياء من صحة البنية، وقوة الفحولية، وكمال الرُّجولية، مع ما كانوا فيه من الجهد، والمجاهدات، والمكابدات على ما هو المعلوم من حال نبينا صلى الله عليه وسلم وأنَّه توفي ولم يشبع من خبز البرِّ ثلاث ليال تباعًا (٢). وقد روي عن سليمان صلى الله عليه وسلم: أنه كان يفترش الرَّماد، ويأكل خبز الرَّماد (٣). وهذا هو المعلوم من حال الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، ومن كان هذه حاله فالعادة جارية بأن يضعف عن الجماع، لكن خرق الله لهم العادة في أبدانهم، كما خرقها لهم في معجزاتهم، وأكثر أحوالهم.


(١) رواه أحمد (٣/ ١١١).
(٢) رواه البخاري (٥٤١٦) من حديث عائشة، وأحمد (٢/ ٤٣٤)، ومسلم (٢٩٧٦) من حديث أبي هريرة.
(٣) "خبز الرماد": هو الطُّلْمةُ، وهي: عجين يُوضع في الملَّة حتى ينضج. والملَّة: الرَّماد والتراب الذي أُوقِد فيه النار.

<<  <  ج: ص:  >  >>