للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: فقالوا: يا رسول الله! ما شهدنا، ولا حضرنا.

قَالَ:

ــ

مالك. وقال أشهب: لهم أن يقسموا على جماعة، ويختارون واحدا للقتل، ويسجن الباقون عامًا، ويضربون مائة مائة. وقال المغيرة: يقتل بها الجماعة. وهو قول الشافعي في القديم. وذهب ابن سريج من أصحابه: إلى أنه يقسم على الجماعة، ويقتل منهم واحد. وقد فهم الشافعي من قوله: (وتستحقون دم صاحبكم): أنَّه لا يحلف إلا الورثة الذين يستحقون المال. وهو فهم عجيب ينبني على أن المستحق بالقتل العمد تخيير الولي بين القصاص وبين الدِّية. وسيأتي ذلك إن شاء الله. وقد بناه بعضهم على قولته الأخرى: في أن المستَحَقَّ بالقسامةِ الدِّيةَ لا القصاص. وهو خلاف نص الحديث.

و(قوله: ما حضرنا، ولا شهدنا)، وفي اللفظ الآخر: [أمرٌ لم نحضره، فكيف نحلف عليه؟ ! ] (١)؛ دليلٌ: على أن الأيمان في القسامة على القطع. وهو الأصل في الأيمان، إلا أن يتعذر ذلك فيها، كما سيأتي تفصيل ذلك. وسبب ذلك: أن الحالف جازم في دعواه، فلا يحلف إلا على ما تحققه، كالشاهد، غير أنَّه لا يشترط في تحقيق ذلك الحضور والمشاهدة؛ إذ قد يحصل له التحقيق من الأخبار، والنَّظر في قرائن الأحوال (٢).

و(قوله: فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم) دليل: على أن من توجهت عليه يمين فنكل عنها: أنَّه لا يُقضى عليه بمجرد النُّكول حتى تردَّ اليمينُ على الآخر، ويحلف. وهو قول مالك، والشافعي. وروي عن عمر، وعثمان، وعلي، وجماعة من السلف. وقال أبو حنيفة، والكوفيون، وأحمد بن حنبل: يُقضى عليه


(١) ما بين حاصرتين لم يرد في التلخيص، وأورده المؤلف -رحمه الله- من روايات أبي داود (٤٥٢٠)، والنسائي (٨/ ٩).
(٢) وهذه القرائنُ أصبحت علمًا واسعًا، تُكشفُ به كثير من الجرائم والجنايات، وهو في تطور مستمر، كمعرفة الزمرة الدموية، وتمييز البصمات، وآثار الجاني. . . وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>