للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ

ــ

منقطع، ومن حديث ابن البيلماني، وهو ضعيف، ولا يصحُّ في الباب إلا حديث البخاري المتقدم.

وأما الحرية فشرط في التكافؤ، فلا يقتل حر بعبد عند مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور. وهو قول الحسن، وعطاء، وعمرو بن دينار، وعمر بن عبد العزيز؛ محتجِّين في ذلك: بأن العبد لما كان مالًا متقوَّمًا كان كسائر الأموال إذا تلفت؛ فإنما يكون فيها قيمة المتلف بالغة ما بلغت، والحرُّ ليس بمال بالاتفاق، فلا يكون كفؤًا للعبد، فلا يقتل به، ويغرم قيمته ولو فاقت على دية الحرِّ، ويجلد القاتل مائة، ويحبس عامًا عند مالك.

وذهبت طائفة أخرى: إلى أنَّه يُقتل به. وإليه ذهب سعيد بن المسيب، والنخعي، والشعبي، وقتادة، والثوري، وأصحاب الرأي؛ محتجين بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم) (١)، وذهب النخعي، والثوري في أحد قوليه: إلى أنه يقتل به، وإن كان عبده، محتجين في ذلك بما رواه النسائي من حديث الحسن عن سمرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه، ومن أخصاه خصيناه) (٢). قال البخاري عن علي بن المديني: سماع الحسن من سمرة صحيح. وأخذ بهذا الحديث. وقال البخاري: وأنا أذهب إليه. وقال غيره: لم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة.

و(قوله: التارك لدينه) يعني به: المرتد؛ الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من بدَّل دينه فاقتلوه) (٣). وهذا الحديث يدل: على أن المرتد الذي يقتل هو الذي يبدل بدين الإسلام دين الكفر؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - استثناه من قوله: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث)، ثم ذكرهم، وذكر منهم: التارك لدينه. وقد تقدم الكلام في الرِّدَّة، وأحكامها.


(١) رواه أبو داود (٢٧٥١)، وابن ماجه (١٦٨٣).
(٢) رواه النسائي (٨/ ٢٠ - ٢١).
(٣) رواه أحمد (١/ ٢٨٢)، والبخاري (٦٩٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>