للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبرُورٌ.

ــ

في حقه؛ فمن كان متأهِّلاً للجهاد، وراغبا فيه، كان الجهادُ في حقِّه أفضلَ مِنَ الصلاةِ وغيرها، وقد يكونُ هذا الصالِحُ للجهاد له أبوانِ يحتاجان إلى قيامِهِ عليهما، ولو تركهما لضاعا؛ فيكونُ بِرُّ الوالدَينِ في حقِّه أفضَلَ من الجهاد، كما قد استأذن رجلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في الجهادِ، فقال: أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قال: نعم، قال: فَفِيهِمَا فَجَاهِد (١)، وهكذا سائرُ الأعمال.

وقد يكونُ الجهادُ في بعضِ الأوقاتِ أفضلَ مِن سائر الأعمال، وذلك في وقتِ استيلاءِ العَدُو، وغَلَبتِهِ على المسلمين؛ كحالِ هذا الزمان، فلا يخفَى على مَن له أدنى بصيرة أنَّ الجهادَ اليومَ أوكَدُ الواجبات، وأفضلُ الأعمال؛ لما أصابَ المسلمين مِن قَهرِ الأعداء، وكثرةِ الاستيلاء، شرقًا وغربًا، جَبَرَ اللهُ صَدعنا، وجدّد نصرنا.

والحاصل من هذا البحث: أنَّ تلك الأفضليَّةَ تختلفُ بِحَسَبِ الأشخاصِ والأحوال، ولا بُعدَ في ذلك. فأمَّا تفصيلُ هذه القواعد مِن حيثُ هي، فعلى ما تقدَّم في حديثِ ابن عمر الذي قال فيه: بُنِيَ الإسلامُ عَلَى خَمسٍ (٢)، والله أعلم.

والحَجُّ المَبرُورُ: هو الذي لا يخالطُهُ شيءٌ من المأثم؛ قاله شَمِرٌ (٣)، وقيل هو المقبول، وذُكِرَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قيل له: مَا بِرُّ الحَجِّ؟ فَقَالَ: إِطعَامُ الطَّعَامِ، وَطِيبُ الكَلَامِ (٤). ويقال: بُرَّ حَجُّكَ، بضمِّ الباء مبنيًّا للمفعول، وبَرَّ اللهُ حَجَّكَ بفتحها للفاعل.


(١) رواه أحمد (٢/ ١٦٥ و ١٨٨ و ١٩٣ و ١٩٧ و ٢٢١)، والبخاري (٣٠٠٤)، ومسلم (٢٥٤٩)، والنسائي (٦/ ١٠) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٢) سبق تخريجه برقم (١٣).
(٣) هو شَمِر بن حَمْدَوَيْه الهروي: لغوي أديب. توفي سنة (٢٥٥ هـ).
(٤) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٢٦٢)، والحاكم (١/ ٤٨٣) من حديث جابر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>