للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: أَن تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ، فَأَنزَلَ اللهُ تَصدِيقَهَا: وَالَّذِينَ لَا يَدعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزنُونَ وَمَن يَفعَل ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا.

رواه البخاري (٦٨٦١)، ومسلم (٨٦)، وأبو داود (٢٣١٠)، والترمذي (٣١٨١).

ــ

التي ذكر الله تعالى: {وَإِذَا المَوءُودَةُ سُئِلَت * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَت}

والحاصلُ: أنَّ أهلَ الجاهليَّةِ كانوا يصنعونَ كلَّ ذلك؛ فنهى الله تعالى عن ذلك، وعظَّم الإثمَ فيه والمعاقَبَةَ عليه، وأخبَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ ذلك مِن أعظمِ الكبائر.

و(قوله: وَأَن تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ) الحَلِيلَةُ، بالحاء المهملة: هي التي يَحِلُّ وطؤها بالنكاح أو التسرِّي. والجار: المُجَاوِرُ في المسكن، والداخلُ في جوار العهد. وتُزَانِي: تحاولُ الزِّنَى، يقال: المرأةُ تزاني مُزَانَاة زنى (١)، والزِّنَى وإن كان من أكبر (٢) الكبائرِ والفواحش، لكنَّه بحليلة الجارِ أفحشُ وأقبح؛ لما ينضمُّ إليه من خيانةِ الجار، وهَتكِ ما عظَّم الله ورسولُهُ مِن حرمته، وشِدَّةِ قبح ذلك شرعًا وعادة؛ فلقد كانتِ الجاهليةُ يتمدَّحون بصون حرائمِ الجار، ويَغُضُّون دونهم الأبصار؛ كما قال عنترة:

وَأَغُضُّ طَرفِي مَا بَدَت لِي جَارَتِي ... حَتَّى يُوَارِي جَارَتِي مَأوَاهَا

و(قوله: فَأَنزَلَ اللهُ تَصدِيقَهَا: {وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالحَقِّ وَلا يَزنُونَ} يعني إلى آخر الآية؛ ظاهِرُ هذا: أنَّ هذه الآيةَ نزلَت بسببِ هذا الذنبِ الذي ذكرَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك؛ لأنَّ الترمذيَّ قد روى هذا الحديثَ، وقال فيه: وتلا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذه الآيةَ: {وَالَّذِينَ لا


(١) لفظة (زنى) من (ع)، وفي (مر) من زنى، وسقطت من (ل) و (م).
(٢) من (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>