على ما قاله مالك. ولم يكن هذا من الأب قذفًا لابنه، ولا للمرأة؛ لاعترافهما بالزنى على أنفسهما.
وفي هذا الحديث أبواب من الفقه. فمنها: أن كل صلح خالف السُّنَّة فهو باطل، ومردودٌ. وأن الحدود التي هي ممحَّضةٌ لحقِّ الله تعالى لا يصح الصُّلح فيها.
واختلف في حدّ القذف؛ هل يصحُّ الصلح فيه أم لا؟ ولم يختلف في كراهته لأنَّه ثمنُ عِرضٍ. ولا خلاف في أنَّه يجوز قبل رفعه. وأمَّا حقوق الأبدان من الجراح، وحقوق الأموال: فلا خلاف في جوازه مع الإقرار. واختلف في الصلح على الإنكار. فأجازه مالك، ومنعه الشافعي.
وفيه: جواز استنابة الحاكم في بعض (ل ضايا من يحكم فيها مع تمكُّنه من مباشرته.
وفيه: أن الإقرار بالزنى لا يشترط فيه تكرار أربع مرَّات، ولا أن المرجوم يجلد قبل الرَّجم. وقد تقدم الخلاف فيهما.
وفيه: أن ما كان معلومًا من الشروط والأسباب التي تترتب عليها الأحكام لا يحتاج إلى السؤال عنها. فإن إحصان المرأة كان معلومًا عندهم، فإنَّها كانت ذات زوج معروف الدخول عليها. وعلى هذا: يحمل حديث الغامدية؛ إذ لو لم تكن محصنة؛ لما جاز رجمها بالإجماع.
وفيه: إقامةُ الحاكم الحدّ بمجرَّد إقرار المحدود وسماعه منه من غير شهادة عليه. وهو أحد قولي الشافعي، وأبي ثور. ولا يجوز ذلك عند مالك إلا بعد الشهادة عليه. وانفصل عن ذلك بأنه ليس في الحديث ما ينصُّ على أنها لم يسمع إقرارها إلا أُنَيس خاصَّة، بل العادة قاضية بأن مثل هذه القضيَّة لا تكون في خلوةٍ،