للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٧٨٩] وعَن البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجلُودًا، فَدَعَاهُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُم؟ قَالَوا: نَعَم، فَدَعَا رَجُلًا مِن عُلَمَائِهِم فَقَالَ: أَنشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنزَلَ التَّورَاةَ عَلَى مُوسَى، أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُم؟ قَالَ: لَا، وَلَولَا أَنَّكَ نَشَدتَنِي بِهَذَا لَم أُخبِركَ! نَجِدُهُ الرَّجمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشرَافِنَا، فَكُنَّا إِذَا أَخَذنَا الشَّرِيفَ تَرَكنَاهُ، وَإِذَا أَخَذنَا الضَّعِيفَ أَقَمنَا عَلَيهِ الحَدَّ، قُلنَا: تَعَالَوا فَلنَجتَمِع عَلَى شَيءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالوَضِيعِ، فَجَعَلنَا التَّحمِيمَ وَالجَلدَ مَكَانَ الرَّجمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَن أَحيَا أَمرَكَ إِذ أَمَاتُوهُ! فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، فَأَنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الكُفرِ} إِلَى قَولِهِ {إِن أُوتِيتُم هَذَا فَخُذُوهُ} يَقُولُ: ائتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَإِن أَمَرَكُم بِالتَّحمِيمِ وَالجَلدِ فَخُذُوهُ، وَإِن أَفتَاكُم بِالرَّجمِ فَاحذَرُوا، فَأَنزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَن لَم يَحكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} {وَمَن لَم يَحكُم بِمَا

ــ

قلت: ويحصل من مجموع حكاية أبي عبيد وصاحب الصِّحاح: أنَّه يُقال: جنأَ - مهموزًا ثلاثيًّا ورباعيًّا -.

و(قوله تعالى: {وَمَن لَم يَحكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} يحتجُّ بظاهره من يُكفِّرُ بالذنوب، وهم الخوارج، ولا حجَّة لهم فيه؛ لأنَّ هذه الآيات نزلت في اليهود المحرفين كلام الله تعالى، كما جاء في هذا الحديث، وهم كفار، فيشاركهم في حكمها من يشاركهم في سبب نزولها. وبيان هذا: أن المسلم إذا علم حكم الله تعالى في قضيَّة قطعًا، ثم لم يحكم به؛ فإن كان عن جَحدٍ كان كافرًا، لا يختلف في هذا. وإن كان لا عن جَحدٍ كان عاصيًا مرتكب كبيرة؛ لأنَّه مصدق بأصل ذلك الحكم، وعالم بوجوب تنفيذه عليه، لكنه عصى بترك العمل به،

<<  <  ج: ص:  >  >>