رواه أحمد (٤/ ١١٧)، والبخاري (٢١٥٣)، ومسلم (١٧٠٤)(٣٣)، وأبو داود (٤٤٦٩)، وابن ماجه (٢٥٦٥).
ــ
عن علم منه ورضًا، فهو إسقاط لبعض الثَّمن، وإرفاق بالمشتري، لاسيَّما وقد بيَّنَّا: أن الحديث خرج على جهة التزهيد، وترك الغبطة.
و(قوله: سُئِل عن الأَمَة إذا زنت ولم تحصن) هذه الزيادة التي هي قوله: (ولم تحصن) هي رواية مالك عن ابن شهاب. قال الطحاوي: لم يقله غير مالك. قال غيره: ليس ذلك بصحيح، بل قد رواه سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، عن ابن شهاب، كما قاله مالك.
واختلف في تأويل قوله:(ولم تحصن). فقيل: لم تعتق، وتكون فائدته: أنها لو زنت وهي مملوكة فلم يحدَّها سيِّدها حتى عتقت لم يكن له سبيل إلى جلدها. والإمام هو الذي يقيم ذلك عليها إذا ثبت عنده. وقيل: ما لم تتزوَّج. وفائدة ذلك: أنَّها إذا تزوَّجت لم يكن للسِّيد أن يجلدها لحق الزوج؛ إذ قد يضره ذلك. وهذا مذهب مالك إذا لم يكن الزوج ملكًا للسيِّد، فلو كان جاز للسيِّد ذلك؛ لأنَّ حقَّهُما حقُّه. وقيل: لم تسلم. وفائدته: أن الكافرة لا تُحدُّ، وإنما تُعزر وتُعاقب. وعلى هذا فيكون الجلد المأمور به في هذا الحديث على جهة التعزير، لا الحدّ. وهذا كله إنَّما هو تَنَزُّل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّق الجلد المأمور به في الجواب على نفي الإحصان المأخوذ قيدًا في السؤال، وعلى القول بدليل الخطاب. وحينئذ يكون هذا الحديث على نقيض قوله تعالى:{فَإِذَا أُحصِنَّ فَإِن أَتَينَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيهِنَّ نِصفُ مَا عَلَى المُحصَنَاتِ مِنَ العَذَابِ} فإن شرط الجلد نفي الإحصان، وشرط الحدِّ في الآية ثبوت الإحصان، فلا بدَّ أن يكون أحد الإحصانين غير الآخر. ولو قدَّرناه واحدًا فيهما للزم أن يكون الجلد المترتب على نفي الإحصان في الحديث غير الحد المترتب على الإحصان المثبت في الآية.