للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وزنى فرُجِم. وهو مذهب الجمهور من الصحابة وغيرهم. ولم يفرِّقوا بين شرب خمر العنب وغيره، ولا بين شرب قليله وكثيره؛ إذ الكل خمر، كما قدَّمناه، وللكوفيين تفصيل ينبني على ما تقدَّم ذكره في باب تحريم الخمر. وهو: أن من شرب شيئًا من خمر العنب النيَّئة وجب عليه الحدّ، قليلًا كان أو كثيرًا، لأن هذا هو المجمع عليه، فإن شرب غيره من الأشربة فسكر: حُدَّ، [وهذا أيضًا مجمع عليه] (١)، فإن لم يسكر لم يُحدَّ عندهم. وكذلك قالوا في مطبوخ العنب. وذهب أبو ثور: إلى أن من رأى تحريم القليل من النبيذ جلد ومن لم يره لم يجلد؛ لأنَّه متأوِّل. وقد مال إلى هذا الفرق بعض شيوخنا المتأخرين. والصحيح ما ذهب إليه الجمهور بما سبق ذكره في باب تحريم الخمر، وبدليل قوله: (من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه) (٢)، فعلَّق الحكم على نفس شرب ما يقال عليه خمر، ولم يفرق بين قليل، ولا كثير. وقد بيَّنَّا: أن الكل يقال عليه خمر لغة وشرعًا، بالطرق التي لا مدفع لها.

فأما قتل الشارب في الرابعة: فمنسوخ بما روي من حديث جابر الذي خرَّجه النسائي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بنعيمان، فضربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع مرات. قال: فرأى المسلمون أن الحدّ قد وقع، وأن القتل قد رفع (٣).

فيحصل من هذا الحديث معرفة التاريخ ومعرفة إجماع المسلمين على رفع القتل. ومن حكي عنه


(١) ما بين حاصرتين زيادة من (ج ٢).
(٢) رواه أحمد (٤/ ٩٣)، وأبو داود (٤٤٨٢)، والترمذي (١٤٤٤). وفي (ج ٢) و (ع): النص على القتل إذا شرب في الثالثة، وما أثبتناه من (ل ١) والمسند. وقد جمع الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- طرق الحديث في رسالةٍ سمَّاها: "كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر".
(٣) رواه النسائي في الكبرى (٥٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>