أبو بكر البزار، فساق فيه أكمل من هذا، وأوضح، فقال فيه: عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كثر على مارية في قبطي ابن عم لها كان يزورها، ويختلف إليها، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (خذ هذا السيف فانطلق، فإن وجدته عندها فاقتله) قال: قلت: يا رسول الله! أكون في أمرك كالسِّكة المحماة، لا يثنيني شيء، حتى أمضي لما أمرتني، أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال:(بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب)(١)، وذكر الحديث بنحو ما تقدم. فهذا يدلّ على أن أمره بقتله إنَّما كان بشرط أن يجده عندها على حالة تقتضي قتله. ولما فَهِمَ عنه علي ذلك سأله، فبيَّن له بيانًا شافيًا، فزال ذلك الإشكال، والحمد لله ذي الجلال. ويحتمل أن يقال: إن ذلك خرج من النبي - صلى الله عليه وسلم - مخرج التغليظ والمبالغة في الزجر على موجب الغيرة الجِبِلِّيَّة. والأول أليق وأسلم. والله بحقائق الأمور أعلم.
وفيه من الفقه: إعمال النظر، والاجتهاد، وترك الجمود على الظواهر، وأنَّه يجوز الاطلاع على العورة عند الضرورة، كتحمُّل شهادة الزنى، كما صار إليه مالك.
* * *
(١) رواه البزار كما في كشف الأستار (١٤٩١)، وانظر: مجمع الزوائد (٤/ ٣٢٩).