للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٨٥٣] وعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: مَرَرنَا فَاستَنفَجنَا أَرنَبًا بِمَرِّ الظَّهرَانِ، فَسَعَوا عَلَيهِ فَلَغَبُوا، قَالَ: فَسَعَيتُ حَتَّى أَدرَكتُهَا، فَأَتَيتُ بِهَا أَبَا

ــ

زيد بن أسلم، ولا يحتج بحديثهما. ومن الجمهور من رأى: أنه من صيد البحر، وعلى هذا فيجوز للمُحرِم صيدها (١)، من غير جزاء، ويجوز أكل ما صاد المجوسي منه، وإليه ذهب النَّخعي، والشافعي، والنعمان، وأبو ثور. فأما مالك والليث فرأيا: أن الجراد من حيوان البر، فميتته محرَّمة؛ لأنَّها داخلة في عموم قوله: {حُرِّمَت عَلَيكُمُ المَيتَةُ} ولم يصح عندهم: (أحلّت لنا ميتتان)، وقالا بموجب حديث ابن أبي أوفى، وبما ذكره ابن المنذر بشرط الذكاة؛ إذ ليسا بنصَّين. وإذا كان كذلك فلا بُدَّ من ذكاة، إلا أن ذكاة كل شيء بحسب ما يتأتى فيه. فرأى مالك: أنه لا بدَّ من فعلٍ يُفعل فيها حتى تموت بسببه. ورأى اللَّيث: أن أخذها وتركها إلى أن تموت سببٌ يبيحها. ولم ير مالك ذلك لأنه لم يفعل فيها شيئًا. وقال أشهب: لا يؤكل الجراد إلا إذا قُطعت رؤوسه، أو يُطرح حيًّا في نار، أو ماء. فأما قطع أرجله، وأجنحته فلا يكون ذلك ذكاة عنده؛ وإن مات بسببه، وعلى هذا: فلو صُلِقَ الحي منه مع الميت فقال أشهب: يُطرح الجميع، وقال سحنون: يؤكل الأحياء، وتكون الموتى بمنزلة خشاش الأرض يموت في القِدر.

قلت: وهذا من سحنون ميل إلى أنه من الحيوان الذي ليس له نفسٌ سائلةٌ. ويلزم على هذا ألا ينجس بالموت، ولا ينجس ما مات فيه. وحينئذ يجوز أكله ميتًا. والله تعالى أعلم.

و(قول أنس: استَنفَجنا أرنبًا) هذا الحرف صحيح روايته ومشهورها عند أهل التقييد واللغة بالنون والفاء، لا يعرفون غيره. ومعناه: استَثَرنا الأرنب وأخرجناه من مكمنه. يقال: نفَجت الأرنب إذا وثبت. قال الهروي: أنفجتُ


(١) في (ل ١): صيده.

<<  <  ج: ص:  >  >>