للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كُلُّ مُسكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَهدًا لِمَن شرَبُ المُسكِرَ أَن يَسقِيَهُ مِن طِينَةِ الخَبَالِ. قَالَوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الخَبَالِ؟ قَالَ: عَرَقُ أَهلِ النَّارِ، أَو عُصَارَةُ أَهلِ النَّارِ.

رواه أحمد (٣/ ٣٦١)، ومسلم (٢٠٠٢)، والنسائي (٨/ ٣٢٧).

[١٨٨٣] وعَن ابنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ مُسكِرٍ خَمرٌ،

ــ

و(قوله: إن على الله عهدًا لمن شرب المسكر) أي: التزم ذلك بقوله ووعيده حسب ما سبق في علمه. وقد فسَّر (طينة الخبال) بأنها عُصَارة أهل النار. وفي حديث آخر: (صديد أهل النار). وسُمِّي ذلك بطينة الخبال؛ لأنها تخبل عقل شاربها، وتفسد حاله. مأخوذ من الخبل في العقل، والله تعالى أعلم.

وهذا الوعيد وإن كان مُعلَّقًا على مطلق الشرب فقد قيده في الحديث الآخر منها فقال: (من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها، لم يتب، لم يشربها في الآخرة). وأما من تاب منها: فلم يدخل في هذا الوعيد إذا حسنت توبته.

وفيه ما يدلّ على أن التوبة من الذنب مكفرة له. وهو الذي صرحت به آي الكتاب، والسُّنَّة، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقبَلُ التَّوبَةَ عَن عِبَادِهِ وَيَعفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} وكقوله: {إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ} وغير ذلك من الآي. ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) (١)، وغير ذلك (٢). وهذا مقطوعٌ به في التوبة من الكفر، وهل هو مقطوعٌ به، أو مظنون في التوبة من غير الكفر؟ اختلف فيه أهل السُّنَّة. والذي أقول به: إن من استقرأ الشريعة قرآنًا وسُنَّة، وتتبع ما فيهما من هذا المعنى علم على القطع واليقين: أن الله يقبل توبةَ الصَّادقين.


(١) رواه ابن ماجه (٤٢٥٠).
(٢) ما بين حاصرتين ساقط من (ج ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>