رواه أحمد (٣/ ٢٤٧)، والبخاري (٥٦٣٨)، ومسلم (٢٠٠٨).
* * *
ــ
و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: اسقنا يا سهل) دليل على التَّبَسُّط مع الصديق، واستدعاء ما عنده من طعام أو شراب، وهذا لا خلاف فيه إذا كان الصديق ملاطفًا، طيب النفس، وعلم من حاله ذلك. وهذا الذي قاله الله تعالى فيهم:{أَو صَدِيقِكُم}
و(قول أنس: لقد سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدحي هذا الشراب كلَّه: العسل، والنبيذ، واللبن، والماء) فيه دليل على استعمال الحلاوة، والأطعمة اللذيذة، وتناولها. ولا يقال: إن ذلك يناقض الزهد، ويباعده، لكن إذا كان ذلك من وجهه، ومن غير سرف، ولا إكثار.
واستيهابُ عمر بن عبد العزيز القدح من سهل؛ إنما كان على جهة التَّبُّرك بآثار النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يزل ذلك دأب الصحابة والتابعين وأتباعهم، والفضلاء في كلِّ عصر. فكان أصحابه يتبرَّكون بوضوئه، وشرابه، وبعرقه، ويستشفون بِجُبَّته، ويتبركون بآثاره، ومواطنه، ويدعون، ويصلُّون عندها. وهذا كلُّه عمل بمقتضى الأمر بالتعزير، والتعظيم. ونتيجة الحُبِّ الصحيح. رزقنا الله الحظَّ الأكبر من تعظيمه، ومحبَّته، وحشرنا في زمرته.