للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: أَكَلتُ يَومًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلتُ آخُذُ مِن لَحمٍ حَولَ الصَّحفَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: كُل مِمَّا يَلِيكَ.

رواه أحمد (٤/ ٢٦)، والبخاري (٥٣٧٦)، ومسلم (٢٠٢٢) (١٠٨ و ١٠٩)، وابن ماجه (٣٢٦٧).

ــ

الصبيان ما يحتاجون إليه من أمور الدين وآدابه. وهذه الأوامر كلها على الندب؛ لأنَّها من المحاسن المكمِّلة، والمكارم المستحسنة. والأصل فيما كان من هذا الباب: الترغيب، والنَّدب.

و(قوله: كل مما يليك) سُنَّة متفق عليها، وخلافها مكروه شديد الاستقباح، لكن إذا كان الطعام نوعًا واحدًا. وسبب ذلك الاستقباح: أنَّ كل آكل كالحائز لما يليه من الطعام، فآخذ الغير له تعدٍّ عليه مع ما في ذلك من تقزز النفوس ما خاضت فيه الأيدي والأصابع، ولما فيه من إظهار الحرص على الطعام، والنَّهم. ثم هو سوء أدب من غير فائدة إذا كان الطعام نوعًا واحدًا. وأما إذا اختلفت أنواع الطعام فقد أباح ذلك العلماء؛ إذ ليس فيه شيء من تلك الأمور المستقبحة.

وكونه - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل بثلاث أصابع: أدب حسن، وسنة جميلة؛ لأنَّها تشعر بعدم الشَّرَه في الطعام، وبالاقتصار على ما يحتاج إليه من غير زيادة عليه، وذلك أن الثلاث الأصابع يستقل بها الظريف الخبير. وهذا فيما يتأتى فيه ذلك من الأطعمة، وأما ما لا يتأتى ذلك فيه استعان عليه بما يحتاج إليه من أصابعه.

ولعقه - صلى الله عليه وسلم - أصابعه الثلاثة، وأمره بذلك يدل: على أنه سُنَّة مستحبة. وقد كرهه بعض العامة، واستقذره، وقوله بالكراهة والاستقذار أولى من سنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، ولو سكت الجهال قلَّ الخلاف. وفائدة اللَّعق احترام للطعام،


(١) المقصود بهذه العبارة: أن قول من أنكر سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكرهها واستقذرها، قوله هذا أولى بالكراهة والاستقذار.

<<  <  ج: ص:  >  >>