للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَل مِن غَدَاءٍ؟ . قَالَوا: نَعَم، فَأُتِيَ بِثَلَاثَةِ أَقرِصَةٍ، فَوُضِعنَ عَلَى بتي، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قُرصًا فَوَضَعَهُ بَينَ يَدَيهِ، وَأَخَذَ قُرصًا آخَرَ فَوَضَعَهُ بَينَ يَدَيَّ،

ــ

ويحتمل أن يكون ذلك قبل نزول الحجاب.

و(قوله: فأتي بثلاثة أقرصة فوضعن على بتي) كذا ضبطه الصدفي، والأسدي بباء واحدة مفتوحة، وبعدها تاء باثنتين من فوقها مكسورة، مشدَّدة، وبعدها: ياء باثنتين من تحتها مشدَّدة، منوَّنة.

قلت: (والبت): كساء من وبر أو صوف. قال الشاعر:

من كان ذا بَتٍّ فهذا بَتِّي ... مُصَيِّفٌ مُقَيِّظٌ مُشَتِّي

وكأن الذي وضعت القرصة عليه منديل من صوف، وكذلك عند ابن ماهان، غير أنه فتح التاء، وعند الطبري: (بُني) بضم الباء، بعدها نون مكسورة مشددة، والياء المشدَّدة. قال الكناني: وهو الصواب، وهو: طبق من خوص. قال ابن وضاح: (بُني): طبق، أو مائدة من خوص، أو حلفاء. ووقع في بعض النسخ: (على نبيء) بتقديم النون مفتوحة، وكسر الباء بواحدة بعدها. وقيل في تفسيره: إنَّه مائدة من خوص. قال ثعلب: النبيئة شيء مدوَّر يعمل من خوص وشريط.

وقسمة النبي - صلى الله عليه وسلم - الأقرصة الثلاثة نصفين يدلّ: على جواز فعل مثل (١) ذلك مع الضيف، بل يدلّ على كرم أخلاق فاعله، وإيثاره الضيف عند قلَّة الطعام، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّ الذي قدم إليه كان غداءه؛ فإنَّ أقرصتهم صغار، لا سيما في مثل ذلك الوقت، ومع ذلك فشرك فيه الغير وفاء بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (طعام الواحد كافي الاثنين، وطعام الاثنين كافي الثلاثة) (٢).


(١) من (ج ٢).
(٢) رواه أحمد (٣/ ٣٨٢)، ومسلم (٢٠٥٩)، والترمذي (١٨٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>