رواه مسلم (٢٧ و ٢٨)، وأبو داود (٤٠٦٦ و ٤٠٦٧ و ٤٠٦٨)، والنسائيُّ (٨/ ٢٠٣ - ٢٠٤).
ــ
لأنَّها من لباس النساء. وظاهرهما: أنهما علّتان في المنع. ويحتمل أن تكون العلّة مجموعهما.
وقد اختلف العلماء في جواز لبس المعصفر. فروي كراهته عن ابن عمر. وأجازه جماعة من الصحابة، والتابعين، والفقهاء. وهو قول مالك، والشافعي. وكره ما اشتدَّت حمرته: عطاء وطاووس، وأباحا ما خف منها، وفرَّق بعضهم بين أن يمتهن، فيجوز أو يلبس، فيكره. وهو قول ابن عباس، والطبري. وكره بعض أهل العلم جميع ألوان الحمرة. وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لبس حلَّة حمراء، وقد لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - ما صبغ بالصفرة على ما جاء عن ابن عمر، فلا وجه لكراهة الحمرة مطلقًا، وإنَّما المكروه المعصفر للرجال، والمزعفر؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك للرجال، وكره المعصفر بعض أهل العلم مطلقًا، وأجازه مالك تمسُّكًا بحديث ابن عمر المتقدِّم. وقد حمل بعضهم النهي على المحرم.
قلت: وهذا فيه بُعدٌ؛ لأنَّ النساء والرجال ممنوعون من التطيّب في الإحرام، فلا معنى لتخصيصه بالرجال، وإنما علَّة الكراهة في ذلك: أنه صبغ النساء، وطيب النساء، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (طيب الرجال: ما ظهر ريحه، وخفي لونه. وطيب النساء: ما ظهر لونه، وخفي ريحه (١)، والله تعالى أعلم.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (بل أحرقهما) مبالغة في الرَّدع، والزَّجر، ومن باب جواز العقوبة في الأموال، ولم يسمع بأحد قال بذلك. والله تعالى أعلم. وقد تقدم الكلام في باقي الحديث.