للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالَ عَبدُ اللَّهِ: وَمَا لِي لَا أَلعَنُ مَن لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟

ــ

باب تغيير خلق الله. فأما ما لا يكون باقيًا، كالكحل، والتزين به للنساء: فقد أجازه العلماء: مالك وغيره. وكرهه مالك للرجال. وأجاز مالك أيضًا أن تشي المرأة يديها بالحناء. وروي عن عمر - رضي الله عنه - إنكار ذلك. وقال: إما أن تخضب يديها كلها، أو تدع. وأنكر مالك هذا عن عمر.

قال القاضي عياض: وجاء حديث بالنهي عن تسويد الحناء. ذكره صاحب النصائح.

قال أبو جعفر الطبري في هذا الحديث: إنَّه لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقها الذي خلقها الله تعالى عليه بزيادة، أو نقص، التماس الحسن لزوج أو غيره، سواء فلجت أسنانها، أو وشرتها، أو كان لها سن زائدة فأزالتها، أو أسنان طوال، فقطعت أطرافها. وكذلك لا يجوز لها حلق حية، أو شارب، أو عنفقة إن نبتت لها؛ لأنَّ كل ذلك تغيير لخلق الله تعالى.

قال القاضي: ويأتي على ما ذكره أن من خلق بإصبع زائدة، أو عضو زائد؛ لا يجوز له قطعه، ولا نزعه؛ لأنَّه من تغيير خلق الله، إلا أن تكون هذه الزوائد تؤلمه فلا بأس بنزعه عند أبي جعفر الطبري وغيره.

وقول ابن مسعود للمرأة: (وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) دليل: على جواز الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إطلاق اللعن على من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - معينًا كان أو غير معيَّن؛ لأنَّ الأصل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يلعن إلا من يستحق ذلك. غير أن هذا يعارضه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم ما من مسلم سببته، أو جلدته، أو لعنته، وليس لذلك بأهل، فاجعل ذلك له كفارة وطهورًا) (١) وهذا يقتضي أنه صلى الله عليه وسلم قد يلعن من ليس بأهل للعنة. وقد أشكل هذا على كثير من العلماء، وراموا الانفصال عن ذلك


(١) رواه مسلم (٢٦٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>