رواه أحمد (٤/ ٨٧)، والبخاريُّ (٣٤٦٨)، ومسلم (٢١٢٧)(١٢٢)، وأبو داود (٤١٦٧)، والترمذي (٢٧٨١)، والنسائي (٨/ ١٨٦).
ــ
وقول معاوية - رضي الله عنه -: (يا أهل المدينة! أين علماؤكم؟ ) هذا من معاوية - رضي الله عنه - على جهة التذكير لأهل المدينة بما يعلمونه، واستعانة على ما رام تغييره من ذلك. لا على جهة أن يعلمهم بما لم يعلموا، فإنَّهم أعلم الناس بأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا سيما في ذلك العصر. ويحتمل أن يكون ذلك فيه؛ لأنَّ عوام أهل المدينة أول من أحدث الزور، كما قال في الرواية الأخرى: إنكم قد أحدثتم زي سوء؛ يعني: الزور، فنادى أهل العلم ليوافقوه على ما سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - من النهي عن ذلك، فينزجر من أحدث ذلك من العوام. وقد فسَّر معاوية الزور المنهي عنه في هذا الحديث بالخِرَق التي يُكثِر النساء بها شعورهن بقوله:(ألا وهذا الزور) وزاده قتادة وضوحًا.
و(الزور) في غير هذا الحديث: قول الباطل، والشهادة بالكذب. وأصل التزوير: التمويه بما ليس بصحيح.
وهذا الحديث حجَّة واضحة على إبطال قول من قصر التحريم على وصل الشعر، كما تقدَّم. وهذا يدلّ: على اعتبار أقوال أهل المدينة عندهم، وأنها مرجع يعتمد عليه في الأحكام. وهو من حجج مالك على أن إجماع أهل المدينة حجَّة، وقد حققنا ذلك في الأصول.
و(قوله: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم) يظهر منه: أن ذلك كان محرَّما عليهم، وأن نساءهم ارتكبوا ذلك المحرَّم، فأقرَّهن على ذلك رجالهم، فاستوجب الكل العقوبة بذلك، وبما ارتكبوه من العظائم.